شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٧٣
ولم يعرف حقيقتها حكم عليها بأنها شئ منكر (أو أراد عجبا) فإن من رأى شيئا عجيبا جدا فإنه قد يقول هذا شئ منكر (وفعل الخضر) لما كان بأمر الله (لم يكن منكرا) في الحقيقة (ومنه قصة داود) عليه السلام وهي أنه طمع في امرأة أوريا فقصد قتله بإرساله إلى الحرب مرة بعد أخري (و) هذه (القصة) على الوجه الذي اشتهرت به (مختلفة) أي مفتراة (للحشوية إذ لا يليق إدخال الذم الشنيع في أثناء المدائح العظام) يعني أن الله تعالى مدح داود قبل قصة النعجة بأوصاف كمالية منها أنه ذو الأيدي أي القوة وأراد القوة في الدين لأن القوة في الدنيا كانت حاصلة لملوك الكفار ولم يستحقوا بها مدحا والقوة في الدين هي العزم الشديد على أداء الوجبات وترك المنكرات فكيف يوصف بها من لم يملك منع نفسه عن الميل إلى الفجور والقتل ومنها أنه أواب أي رجاع إلى ذكر الله فكيف يتصور منه أن يكون مواظبا على القصد إلى أعظم الكبائر ومنها أنه سخر له الجبال يسبحن معه بالعشي والإشراق وسخر له الطير محشورة كل له أواب أفترى أنه سخر له هذه الأشياء ليتخذها وسائل إلى القتل والزنا ومنها أنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب والحكمة اسم جامع لكل ما ينبغي علما وعملا فكيف يعقل أنه اتصف بالحكمة مع إصراره على ما يستنكف عنه أخبث الشياطين من مزاحمة أتباعه في الزوج والمنكوحة ومدحه أيضا بعد قصة النعجة بأنه جعله خليفة في الأرض وهذا من أجل المدائح وإذا كان الأمر كذلك لم يصح أن تحمل هذه القصة على أنها إشارة إلى القصة المشهورة في حق داود عليه السلام (بل تصور قوم قصره للايقاع به فلما رأوه مستيقظا اخترع أحدهم الخصومة) المذكورة في القرآن وزعموا أنهم إنما قصدوه لأجلها لا لسوء به من قتل النفس أو سرقة المال (ونسبة الكذب إلى اللصوص أولى من نسبته إلى الملائكة) وعلى هذا فمعنى قوله تعالى إنما فتناه اختبرناه في أنه حين أساء الظن باللصوص مع قدرته عليهم فهل يعالجهم بالعقوبة أو لا فلما لم يعاقبهم كان غاية في الحلم والاستغفار لا يجب أن يكون لذنب منه بل جاز أن يكون طلبا لعفو الله عنهم
____________________
وكان على مقدم ذي القرنين الأكبر وبقي إلى يوم موسى عليه السلام والله أعلم (قوله وسائل إلى القتل والزنا) فيه نظر إذا لم يسند إليه الزنا في القصة بل إنها تزوجها بعد موت زوجها فقوله والزنا مما لا وجه له (قوله وزعموا أنهم الخ) الأظهر أن يقال وأظهروا أنهم كما لا يخفى (قوله حين أساء الظن باللصوص) إذا كان المظنون شرا أو ما يجري مجراه يطلق فيه إساءة الظن وإن طابق الواقع كما يطلق حسن الظن في جنس الخير وإن لم يطابق المظنون
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344