دليل النص بخبر الغدير - الكراجكي - الصفحة ٥٢
ووجه آخر:
وهو أنا إذا اعتبرنا ما تحتمله لفظة " مولى " من الأقسام، لم نر فيها ما يصح أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وآله إلا ما اقتضاه الإمامة والرئاسة على الأنام، وذلك أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن مالكا لرق كل من ملك رسول الله صلى الله عليه وآله رقه، ولا معتقا لكل من أعتقه، فيصح أن يكون أحد هذين القسمين المراد، ولا يصح أن يريد المعتق لاستحالة هذا القسم فيها على كل حال.
ولا يجوز أن يريد ابن العم والناصر، فيكون قد جمع الناس في ذلك المقام ويقول لهم: من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه!! أو: من كنت ناصره فعلي ناصره!!
لعلمهم ضرورة بذلك قبل هذا المقام، ومن ذا الذي يشك في أن كل من كان رسول الله صلى الله عليه وآله ابن عمه فإن عليا عليه السلام كذلك ابن عمه، ومن ذا الذي لم يعلم أن المسلمين كلهم أنصار من نصره النبي صلى الله عليه وآله!! فلا معنى لتخصيص أمير المؤمنين عليه السلام بذلك دون غيره.
ولا يجوز أن يريد ضمان الجرائر واستحقاق الميراث، للاتفاق على أن ذلك لم يكن واجبا في شئ من الأزمان وكذلك لا يجوز أن يريد الحليف، لأن عليا عليه السلام لم يكن حليفا لجميع حلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله.
فإذا بطل أن يكون مراده عليه السلام شيئا من هذه الأقسام، لم يبق إلا أن يكون قصد ما كان حاصلا له من تدبير الأنام، وفرض الطاعة على الخاص والعام، وهذه هي رتبة الإمام، وفيما ذكرناه كفاية لذوي الأفهام.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»