الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٩٧
وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فغضب عثمان، وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من الأرض فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا فقال: " أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون (فإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب (1)) فأجابه عثمان بجواب غليظ لم أحب أن أذكره، وأجابه علي عليه السلام بمثله.
ثم إن عثمان حظر (2) على الناس يقاعدوا أبا ذر ويكلموه، فمكث كذلك أياما ثم أمر أن يؤتى به فلما أتي به، وقف بين يديه، قال: ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر، هل رأيت هذا هديهم إنك تبطش بي بطش جبار! فقال اخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر: فما أبغض إلى جوارك، قال: فإلى أين اخرج، قال: حيث شئت. قال: فأخرج إلى الشام أرض الجهاد، فقال إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أفاردك إليها قال: أفأخرج إلى العراق، قال: لا، قال: ولم؟ قال: تقدم على قوم أهل شبه، وطعن على الأئمة، قال: فأخرج إلى مصر؟ قال: لا قال أين أخرج؟ قال: حيث شئت، فقال أبو ذر: وهو أيضا التعرب بعد الهجرة. أخرج إلى نجد، فقال عثمان: الشرف الشرف (3) الأبعد، أقصى فأقصى فقال أبو ذر قد أبيت ذلك علي، قال: أمض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة،

(١) غافر: ٢٨.
(2) حظر عليهم: منعهم.
(3) الشرف: كبد نجد وقد تقدم.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»