الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٦١
وخطبت على المنبر بالتوبة والاستغفار، ثم وجدنا كتابك بما يقتضي الاصرار على أقبح ما عتبنا منه فكيف نثق بتوبتك واستغفارك؟
فأما قوله: (إن القتل على وجه الغيلة لا يحل فيمن يستحق القتل فكيف فيمن لا يستحقه؟) فقد بينا أنه لم يكن على سبيل الغيلة، وأنه لا يمتنع أن يكون إنما وقع على سبيل المدافعة.
فأما ادعاؤه أنه منع من نصرته، وأقسم على عبيده في ترك القتال، فقد كان ذلك لعمري في ابتداء الأمر طلبا للسلامة، وظنا منه بأن الأمر يصلح، والقوم يرجعون عما هم عليه، وما هموا به، فلما اشتد الأمر ووقع اليأس من الرجوع والنزوع لم يمنع أحدا من نصرته، والمحاربة عنه، وكيف يمنع من ذلك وقد بعث إلى أمير المؤمنين عليه السلام يستنصره ويستصرخه! والذي يدل على ذلك أنه لم يمنع في الابتداء من محاربتهم إلا للوجه الذي ذكرناه دون غيره. أنه لا خلاف بين أهل الرواية في أن كتبه تفرقت في الآفاق يستنصر ويستدعي الجيوش، فكيف يرغب عن نصرة الحاضر من يستدعي نصرة الغائب، فأما قوله: (إن أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يأتيه حتى منعه ابنه محمد) فقول بعيد مما جاءت به الرواية جدا لأنه لا إشكال في أن أمير المؤمنين عليه السلام لما واجهه عثمان بأنه يتهمه ويستغشه انصرف مغضبا عاملا على أنه لا يأتيه أبدا قائلا فيه ما يستحقه من الأقوال.
فأما قوله في جواب سؤال من قال: إنهم اعتقدوا فيه أنه من المفسدين في الأرض وآية المحاربين تتناوله (وقد كان يجب أن يتولى الإمام ذلك الفعل بنفسه لأن يجري مجرى الحد) فطريف لأن الإمام يتولى ما يجري هذا المجرى إذا كان منصوبا ثابتا، ولم يكن على مذهب أكثر القوم هناك إمام يقوم بالدفع عن الدين، والذب عن الأمة، جاز أن تتولى
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»