الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
إطلاق الأمر منه يقتضي ثبوت المصلحة (1) وانتفاء المفسدة، وليس كذلك التمكن وما يجري مجراه، ولهذا لا يشترط أحد في أوامر الله تعالى ورسوله بالشرائع المصلحة وانتفاء المفسدة، وشرطوا في ذلك التمكن ورفع التعذر، ولو كان الإمام منصوصا عليه بعينه واسمه لما جاز أن يسترد جيش أسامة بخلاف ما ظنه ولا أن يعزل من ولاه صلى الله عليه وآله، ولا يولي من عزله للعلة التي ذكرناها.
فأما استدلال أبي علي على أن أبا بكر لم يكن في الجيش بحديث الصلاة فأول ما فيه أنه اعتراف بأن الأمر بتنفيذ الجيش كان في الحال دون بعد الوفاة، وهذا ناقض لما بنى صاحب الكتاب عليه أمره صلى الله عليه وآله، ثم إنا بينا أنه صلى الله عليه وآله لم يوله الصلاة، وذكرنا ما في ذلك، ثم ما المانع من أن يوليه تلك الصلاة إن كان ولاه إياها ثم يأمره بالنفوذ من بعد مع الجيش؟ فإن الأمر بالصلاة في تلك الحال لا يقتضي أمره بها على التأييد.
وأما ادعاؤه: أن النبي صلى الله عليه وآله يأمر بالحروب وما يتصل بها عن اجتهاد دون الوحي، فمعاذ الله أن يكون ذلك صحيحا لأن حروبه صلى الله عليه وآله لم تكن مما تختص مصالح الدنيا بل للدين فيها أقوى تعلق لما يعود على الاسلام وأهله بفتوحه من العز والقوة، وعلو

(١) علق ابن أبي علي هذا بقوله: " فأما قول المرتضى: الأمر المطلق يدل على ثبوت المصلحة فقول جيد إذا اعترض به على الوجه الذي أورده قاضي القضاة " لكنه نكص بعد ذلك فقال: " فأما إذا أورده أصحابنا على وجه آخر فإنه يندفع كلام المرتضى، وذلك إنه يجوز تخصيص عمومات النصوص بالقياس الجلي، فلم لا يجوز لأبي بكر أن يخص عموم قوله: " أنفذوا جيش أسامة " لمصلحة غلبت على ظنه في عدم نفوذه نفسه " (شرح نهج البلاغة ١٧ / 188).
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»