الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٠
اختياره لأجل كونه حجة وصادقا فيما ادعاه لأن ذلك مما لا يعلم بطريقة الاختيار فأوجب أيضا في الإمام مثله.
لأنا قد دللنا على وجوب عصمته، والعصمة مما لا يمكن أن تعلم بالاختيار فكان تحصيل السؤال الذي ذكرت وسألت نفسك عنه أن يقال:
لو جاز ثبوت الإمام مع وجوب عصمته بغير نص لم يمتنع مثله في النبي صلى الله عليه وآله وإنما عدلنا عن معارضته بكون الإمام حجة كما أن النبي حجة وإن كانت الدلالة قد سوت بينهما في معنى الحجة عندنا.
وقد تقدم ذكرها فيما مضى من الكتاب حيث دللنا على أن الإمام حافظ للشرع ومؤد له إلينا لأن دلالة كون الإمام حجة على هذا الوجه ترجع إلى أمر متعلق بالسمع، وكلامنا في هذا الفصل على ما يقتضيه مجرد العقول، فلا بد من العدول عما لا يعلم ثبوته إلا بالسمع.
فأما قوله في آخر الفصل: " على أن السمع قد ورد في باب الإمامة بما ذكرناه على ما سنبينه من بعد وثبوت السمع على هذا الوجه يدل على أن العقل لا يمنع من ثبوت ذلك بغير النص " فدعوى منه على السمع غير صحيحة، وليس يمكن أن يدعى سمع تقوم بمثله الحجة في باب الاختيار، وأكثر ما يمكن ادعاؤه (1) في السمع وروده بأن اختيارا وقع لبعض من ادعيت إمامته، ولم يثبت أن المختارين كان لهم فعل ما فعلوه، ولا أن الذي عقدوا له الإمامة تثبت له إمامة على الحقيقة، ونحن لم نمنع من اختيار من تدعى له الإمامة وليس بإمام على الحقيقة. وإنما منعنا من اختيار الإمام الذي تثبت إمامته وتصح، وسنتكلم على ما وعدنا بإيراده من السمع عند البلوغ إليه بعون الله تعالى.

(1) خ " أن يدعى ".
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»