الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٥٩
بالاجتهاد والاختيار، ولا سبيل للمكلف في تميزه، ولو كانت جميع صفات الإمام كصفات الصلاة في إمكان إصابتها من جهة الاختيار لجوزنا اختيار الإمام على الوجه الذي قررته في اختيار الصلاة ومدار الكلام على هذا الوضع فإن أمكن الخصوم أن يبينوا أنه لا صفة للإمام إلا وللمكلفين سبيل إلى إصابتها وتمييز المختص بها فقد صح مذهبهم في جواز الاختيار، وبطل مذهبنا في وجوب النص والتشاغل بعد أن يثبت لهم ما ذكرنا بغيره لا معنى له، فإنه إذا لا ينفعنا بعد ثبوت هذا الموضع لهم شئ في باب وجوب النص ولا يضرهم، وإن لم يثبت لهم هذا وكان الثابت ما نذهب إليه من اختصاص الإمام بصفات لا سبيل إلى العلم بها إلا من جهة النص، فقد وجب النص وبطل الاختيار وصار كل ما يتكلفه الخصوم بعد صحة ما ذكرناه لا ينفعهم في إبطال وجوب النص ولا يضرنا في إثباته، على أن الصلاة لا يمكن فيها إلا النص على الصفة دون العين لأنها فعل المكلف، ولها أمثال في مقدوره فلا يتميز له صحيحها من فاسدها إلا بالصفة والشرط، والإمام يمكن النص على عينه على وجه يتميز به من غيره فليس يجب أن يكون حكم الإمام حكم الصلاة، بل الواجب أن تكون الصلاة مشبهة للانقياد للإمام والاقتداء به في هذا الوجه، من حيث رجع كل ذلك إلى أفعالنا فكما نجيز في الصلاة النص على صفتها وشروطها، ونجعل اختيار ما له تلك الصفة إلى المكلف فكذلك نجيز أن ينص للمكلف على صفة ما يلزمه من الانقياد للإمام والاقتداء به، ويفوض اختيار ماله تلك الصفة إلى اجتهاده.
فإن قيل: النص في الإمام وإن أمكن على سبيل التعيين، ولم يمكن في الصلاة فما المانع من جواز النص على صفة الإمام دون عينه كما جاز في الصلاة وإن أمكن في الإمام النص على العين ولم يمكن في الصلاة؟.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 65 ... » »»