الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٣٢
عليه وآله من النفع لهم ما يفي ببعض الضرر والمتخوف من جهتهم، ولا يشبه هذا ما ينقلونه من دياناتهم ومذاهبهم وطعونهم في الاسلام، لأن جميع ذلك لا خوف عليهم من المسلمين فيه لأن ذمتهم عليه انعقدت، ولم تجر عادة أحد من ولاة أمور المسلمين بأن يحظر على أهل الذمم إظهار مذاهبهم، وإن كرهها، وقد كانت عاداتهم جارية بأن لا يقروا أحدا منهم على غض من مسلم أو طعن على مؤمن بتظليم أو تكفير خارج عما يقتضيه دينهم واستقرت عليه ذمتهم، فكيف لهم إذا تجاوزوا إلى الطعن على الخلفاء وتظليم الأمراء، ولأن الخوف لو كان عليهم فيما ينقلونه من مذاهبهم ودياناتهم، وفي نقل النص واحدا ولم يفترق الأمران من حيث ذكرنا لوجب العدول عن ذكر النص دون ما يتعلق بالدين لأن لداعي الدين من القوة ما ليس لغيره، وقد يجوز أن يتحمل فيه ما لا يتحمل في غيره.
فأما قوله: " بل كان يجب أن يكونوا مضطرين إلى معرفة النص ولو كان ذلك كذلك لما صح ما قد ثبت عنهم من مواقف الإمامة " فهذا إنما يقال فيما يتنافى ولا يصح ثبوته على الاجتماع، وقد كان يجب أن يبين من أي وجه يجب إذا كانوا يعلمون النص أن لا يقفوا في أمر الإمامة تلك الموقف وقد بينا أن جميعهم لم يدفع الضرورة في النص ولا عمل بخلافه على جهة التعمد وأنهم ينقسمون إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرناها، وإذا كان الذي أجزنا عليه تعمد الكتمان للنص مع العلم به وتعمد العمل بخلافه جماعة قليلة العدد، فكيف يصح أن يقال: إن النص لو كان حقا لم يجر من القوم ما جرى ولم يبق إلا أن يقال: لا يجوز على الجماعة القليلة أن تعمل بخلاف ما تعلمه، وتدفع ما تعرفه لبعض الأغراض القوية، وهذا مما إذا قيل عرفت صورة قائله، فإن خصومنا لا يمنعون ما ذكرناه في
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»