الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
مباح لكم لساغ هذا الكلام ولم يتناقض، وإذا كان سائغا بطل قول من ادعى أن النهي عن اتباع غير سبيل المؤمنين موجب لاتباع سبيلهم، وأنه يجري مجرى التحريم لمفارقة سبيلهم، والعدول عنها، وليس لأحد أن يقول: إن من لم يتبع غير سبيل المؤمنين فلا بد أن يكون متبعا لسبيلهم، فمن هاهنا حكمنا بأن النهي عن أحد الأمرين إيجاب للآخر، وذلك أن بين الأمرين واسطة فقد يجوز أن يخرج المكلف من اتباع غير سبيلهم، واتباع سبيلهم معا بأن لا يكون متبعا سبيل أحد.
فأما قولك: " إنه علق الوعيد بما يجري مجرى الاستثناء من سبيل المؤمنين حتى لا تتم معرفته إلا بمعرفة سبيل المؤمنين (1) فكأنه تعالى أراد ما يجري مجرى النفي وإن كان بصورة الإثبات، لأنه لا فرق بين ذلك وبين أن يقول ولا يتبع غير سبيل المؤمنين، وهذا بين في التعارف لأن أحدنا لو قال لغيره: من أكل غير طعامي فله العقوبة، فالمتعارف من ذلك أن أكل طعامه مخالف لذلك، وأن العقوبة إنما تتعلق بخروجه عن أن يكون آكلا لطعامه " (2) فغير صحيح، لأن " غير " - هاهنا - ليس بواجب أن يكون بمعنى " إلا " الموضوعة للاستثناء، بل جائز أن تكون بمعنى: خلاف، فكأنه تعالى قال: لا يتبع خلاف سبيل المؤمنين (3) وما هو غير لسبيلهم، ولم يرد لا يتبع إلا سبيلهم، ومعرفة الغير المحظور واتباعه وإن كانت لا تتم إلا بمعرفة سبيلهم على ما ذكر فغير ممتنع أن يكون حكمه موافقا لحكم

(1) في المغني " وإذا عرف سبيلهم عرف ذلك الغير الذي يحرم اتباعه، وما حل هذا المحل فلا بد من أن يدل على أن سبيل المؤمنين بخلافه وكأنه تعالى " الخ ولا يختلف المعنى غير أن ما في المتن أقل أو أدل.
(2) المغني 17 / 162.
(3) أو، خ ل.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»