التحفة العسجدية - يحيى بن الحسين بن القاسم - الصفحة ٥٣
وأما قوله: (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) (1) فالله سبحانه قد شاء منا الاختيار قال تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (2) وقوله : (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) (3) أي الزايد على الدعاء والدلالة (وأما ثمود فهديناهم) (4) ولكن قضت حكمته بالاختيار، ليتعلق الجزاء بالطاعة، والمعصية على حسب الاختيار منا.
وأما قوله تعالى: (في قلوبهم مرض) (5) فيحتمل الحسد والغل للنبي ومن معه، أو الغم لما رأوا ثبات أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستعلاء شأنه، أو كفرهم فزادهم الله غما بسبب استعلاء امر النبي، أو حسدا بسبب ذلك، أو كفرا بسبب انزال التكاليف، والآيات كقوله تعالى : (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) (6) ونسبته إلى الله لما كان هو السبب.
وأما قوله تعالى: (ويمدهم في طغيانهم يعمهون) (7) يريد بيمدهم:
أن يتركهم من فوائده، ومنحه التي يؤتيها المؤمنين ثوابا لهم، ويمنعها من الكافرين عقابا، وذلك شرح صدور المؤمنين، وتنويره لقلوبهم.
وأما قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) (8) فلفظة (ذلك) تحتمل رجوعها إلى الرحمة، لأنه تعالى

1 التكوير (29).
2 الكهف (29).
3 السجدة (13).
4 فصلت (17).
5 البقرة (10).
6 التوبة (125).
7 البقرة (15).
8 هود (119).
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»