كأن قلوب الطير رطبا ويابسا * لدى وكرها العناب والحشف البالي [465] مع أن الحال شبيهة بالمفعول به، فعمله في الظرف أجدر.
فإن قلت: لا يلزم من صحة إعمال المذكور [صحة] إعمال المقدر، لأنه أضعف.
قلت: قد قالوا " زيد زهير شعرا وحاتم جودا " وقيل في المنصوب فيهما:
إنه حال أو تمييز، وهو الظاهر، وأيا كان فالحجة قائمة [به]، وقد جاء أبلغ من ذلك، وهو إعماله في الحالين، وذلك في قوله:
684 - تعيرنا أننا عالة * ونحن صعاليك أنتم ملوكا إذ المعنى تعيرنا أننا فقراء، ونحن في حال صعلكتنا مثلكم في حال ملككم.
فإن قلت: قد أوجبت في بيت كعب بن زهير رضي الله عنه أن يكون من عكس التشبيه لئلا يتقدم الحال على عاملها المعنوي، فما الذي سوغ تقدم صعاليك هنا عليه؟
قلت: سوغه الذي سوغ تقدم بسرا في " هذا بسرا أطيب منه رطبا " وإن كان معمول اسم التفضيل لا يتقدم عليه في نحو " لهو أكفؤهم ناصرا " وهو خشية اختلاط المعنى، إلا أن هذا مطرد ثم لقوة التفضيل. ونادر هنا لضعف حرف التشبيه.
وهذا الذي ذكرته في البيت أجود ما قيل فيه، وفيه قولان آخران، أحدهما:
ذكره السخاوي في كتابه سفر السعادة، وهو أن عالة من " عالني الشئ " إذا أثقلني، و " ملوكا " مفعول: أي أننا نثقل الملوك بطرح كلنا عليهم، ونحن أنتم أي مثلكم في هذا الامر، فالاخبار هنا مثله في (وأزواجه أمهاتهم) والثاني قاله الحريري وقد سئل عن البيت، وهو أن التقدير: إنا عالة صعاليك نحن وأنتم، وقد خطئ في ذلك، وقيل: إنه كلام لا معنى له، وليس كذلك، بل هو متجه على