لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٤٦٥
وآليت آسى على هالك، وأسأل نائحة ما لها أراد: لا آسى ولا أسأل. قال أبو منصور: وأفادني المنذري عن اليزيدي عن أبي زيد في قول الله عز وجل: يبين الله لكم أن تضلوا، قال: مخافة أن تضلوا وحذار أن تضلوا، ولو كان يبين الله لكم أن لا تضلوا لكان صوابا، قال أبو منصور: وكذلك أن لا تضل وأن تضل بمعنى واحد. قال: ومما جاء في القرآن العزيز من هذا قوله عز وجل: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا، يريد أن لا تزولا، وكذلك قوله عز وجل: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، أي أن لا تحبط، وقوله تعالى: أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا، معناه أن لا تقولوا، قال: وقولك أسألك بالله أن لا تقوله وأن تقوله، فأما أن لا تقوله فجاءت لا لأنك لم ترد أن يقوله، وقولك أسألك بالله أن تقوله سألتك هذا فيها معنى النهي، ألا ترى أنك تقول في الكلام والله أقول ذلك أبدا، والله لا أقول ذلك أبدا؟ لا ههنا طرحها وإدخالها سواء وذلك أن الكلام له إباء وإنعام، فإذا كان من الكلام ما يجئ من باب الإنعام موافقا للإباء كان سواء وما لم يكن لم يكن، ألا ترى أنك تقول آتيك غدا وأقوم معك فلا يكون إلا على معنى الإنعام؟ فإذا قلت والله أقول ذلك على معنى والله لا أقول ذلك صلح، وذلك لأن الإنعام والله لأقولنه والله لأذهبن معك لا يكون والله أذهب معك وأنت تريد أن تفعل، قال: واعلم أن لا لا تكون صلة إلا في معنى الإباء ولا تكون في معنى الإنعام. التهذيب: قال الفراء والعرب تجعل لا صلة إذا اتصلت بجحد قبلها، قال الشاعر:
ما كان يرضى رسول الله دينهم، والأطيبان أبو بكر ولا عمر أراد: والطيبان أبو بكر وعمر. وقال في قوله تعالى: لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ من فضل الله، قال:
العرب تقول لا صلة في كل كلام دخل في أوله جحد أو في آخره جحد غير مصرح، فهذا مما دخل آخره الجحد فجعلت لا في أوله صلة، قال: وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به فقولك ما منعك أن لا تسجد، وقوله: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، وقوله عز وجل: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون، وفي الحرام معنى جحد ومنع، وفي قوله وما يشعركم مثله، فلذلك جعلت لا بعده صلة معناها السقوط من الكلام، قال: وقد قال بعض من لا يعرف العربية، قال: وأراه عرض بأبي عبيدة، إن معنى غير في قول الله عز وجل: غير المغضوب عليهم، معنى سوى وإن لا صلة في الكلام، واحتج بقوله:
في بئر لا حور سرى وما شعر بإفكه، حتى رأى الصبح جشر قال: وهذا جائز لأن المعنى وقع فيما لا يتبين فيه عمله، فهو جحد محض لأنه أراد في بئر ما لا يحير عليه شيئا، كأنك قلت إلى غير رشد توجه وما يدري. وقال الفراء: معنى غير في قوله غير المغضوب معنى لا، ولذلك زدت عليها لا كما تقول فلان غير محسن ولا مجمل، فإذا كانت غير بمعنى سوى لم يجز أن تكر عليه، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول عندي سوى عبد الله ولا زيد؟ وروي عن ثعلب أنه سمع ابن الأعرابي قال في قوله:
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست