لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٤٦٥
صلى الإله على امرئ ودعته، وأتم نعمته عليه وزادها وقال الراعي:
صلى على عزة الرحمن وابنتها ليلى، وصلى على جاراتها الأخر وصلاة الله على رسوله: رحمته له وحسن ثنائه عليه. وفي حديث ابن أبي أوفى أنه قال: أعطاني أبي صدقة ماله فأتيت بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى، قال الأزهري: هذه الصلاة عندي الرحمة، ومنه قوله عز وجل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، فالصلاة من الملائكة دعاء واستغفار، ومن الله رحمة، وبه سميت الصلاة لما فيها من الدعاء والاستغفار. وفي الحديث:
التحيات لله والصلوات، قال أبو بكر: الصلوات معناها الترحم.
وقوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي، أي يترحمون.
وقوله: اللهم صل على آل أبي أوفى أي ترحم عليهم، وتكون الصلاة بمعنى الدعاء. وفي الحديث قوله، صلى الله عليه وسلم: إذ دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصل، قوله: فليصل يعني فليدع لأرباب الطعام بالبركة والخير، والصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة، ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا. وكل داع فهو مصل، ومنه قول الأعشى:
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوما، فإن لجنب المرء مضطجعا معناه أنه يأمرها بأن تدعو له مثل دعائها أي تعيد الدعاء له، ويروى: عليك مثل الذي صليت، فهو رد عليها أي عليك مثل دعائك أي ينالك من الخير مثل الذي أردت بي ودعوت به لي.
أبو العباس في قوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم وملائكته، فيصلي يرحم، وملائكته يدعون للمسلمين والمسلمات. ومن الصلاة بمعنى الاستغفار حديث سودة: أنها قالت يا رسول الله، إذا متنا صلى لنا عثمان بن مظعون حتى تأتينا، فقال لها: إن الموت أشد مما تقدرين، قال شمر: قولها صلى لنا أي استغفر لنا عند ربه، وكان عثمان مات حين قالت سودة ذلك. وأما قوله تعالى: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، فمعنى الصلوات ههنا الثناء عليهم من الله تعالى، وقال الشاعر:
صلى، على يحيى وأشياعه، رب كريم وشفيع مطاع معناه ترحم الله عليه على الدعاء لا على الخبر. ابن الأعرابي:
الصلاة من الله رحمة، ومن المخلوقين الملائكة والإنس والجن:
القيام والركوع والسجود والدعاء والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام التسبيح. وقال الزجاج: الأصل في الصلاة اللزوم. يقال: قد صلي واصطلى إذا لزم، ومن هذا من يصلى في النار أي يلزم النار. وقال أهل اللغة في الصلاة: إنها من الصلوين، وهما مكتنفا الذنب من الناقة وغيرها، وأول موصل الفخذين من الإنسان فكأنهما في الحقيقة مكتنفا العصعص، قال الأزهري: والقول عندي هو الأول، إنما الصلاة لزوم ما فرض الله تعالى، والصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه. والصلاة: واحدة الصلوات المفروضة، وهو اسم يوضع موضع
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست