لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٨٢
وأنشد الأحمر:
فهن يعلكن حدائداتها، جنح النواصي نحو ألوياتها، كالطير تبقي متداوماتها يعني تنظر إليها. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وصلاة الليل:
فبقيت كيف يصلي النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية: كراهة أن يرى أني كنت أبقيه أي أنظره وأرصده. اللحياني: بقيته وبقوته نظرت إليه، وفي المحكم: بقاه بعينه بقاوة نظر إليه، عن اللحياني. وبقوت الشئ: انتظرته، لغة في بقيت، والياء أعلى.
وقالوا: ابقه بقوتك مالك وبقاوتك مالك أي احفظه حفظك مالك.
* بكا: البكاء يقصر ويمد، قاله الفراء وغيره، إذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها، قال حسان بن ثابت، وزعم ابن إسحق أنه لعبد الله بن رواحة وأنشده أبو زيد لكعب بن مالك في أبيات:
بكت عيني، وحق لها بكاها، وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا:
أحمزة ذاكم الرجل القتيل؟
أصيب المسلمون به جميعا هناك، وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك الأركان هدت، وأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان، مخالطها نعيم لا يزول قال ابن بري: وهذه من قصيدة ذكرها النحاس في طبقات الشعراء، قال:
والصحيح أنها لكعب بن مالك، وقالت الخنساء في البكاء الممدود ترثي أخاها: دفعت بك الخطوب وأنت حي، فمن ذا يدفع الخطب الجليلا؟
إذا قبح البكاء على قتيل، رأيت بكاءك الحسن الجميلا وفي الحديث: فإن لم تجدوا بكاء فتباكوا أي تكلفوا البكاء، وقد بكى يبكي بكاء وبكى، قال الخليل: من قصره ذهب به إلى معنى الحزن، ومن مدة ذهب به إلى معنى الصوت، فلم يبال الخليل اختلاف الحركة التي بين باء البكا وبين حاء الحزن، لأن ذلك الخطر يسير. قال ابن سيده:، هذا هو الذي جرأ سيبويه على أن قال وقالوا النضر، كما قالوا الحسن، غير أن هذا مسكن الأوسط، إلا أن سيبويه زاد على الخليل لأن الخليل مثل حركة بحركة وإن اختلفتا، وسيبويه مثل ساكن الأوسط بمتحرك الأوسط، ولا محالة أن الحركة أشبه بالحركة وإن اختلفتا من الساكن بالمتحرك، فقصر سيبويه عن الخليل، وحق له ذلك، إذا الخليل فاقد النظير وعادم المثيل، وقول طرفة:
وما زال عني ما كننت يشوقني، وما قلت حتى ارفضت العين باكيا فإنه ذكر باكيا وهي خبر عن العين، والعين أنثى، لأنه أراد حتى ارفضت العين ذات بكاء، وإن كان أكثر ذلك إنما هو فيما كان معنى فاعل لا معنى مفعول، فافهم، وقد يجوز أن يذكر على إرادة العضو، ومثل هذا يتسع فيه القول، ومثله قول الأعشى:
أرى رجلا منهم أسيفا، كأنما يضم إلى كشحيه كفا مخضبا
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست