لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٣٨٦
أي سعيا في الصلح وجمع ما تحملا من ديات القتلى، والعرب تسمي مآثر أهل الشرف والفضل مساعي، واحدتها مسعاة لسعيهم فيها كأنها مكاسبهم وأعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم، والسعاة اسم من ذلك. ومن أمثال العرب: شغلت سعاتي جدواي، قال أبو عبيد: يضرب هذا مثلا للرجل تكون شيمته الكرم غير أنه معدم، يقول: شغلتني أموري عن الناس والإفضال عليهم.
والمسعاة: المكرمة والمعلاة في أنواع المجد والجود.
ساعاه فسعاه يسعيه أي كان أسعى منه. ومن أمثالهم في هذا:
بالساعد تبطش اليد. وقال الأزهري: كأنه أراد بالسعاة الكسب على نفسه والتصرف في معاشه، ومنه قولهم: المرء يسعى لغاريه أي يكسب لبطنه وفرجه. ويقال لعامل الصدقات ساع، وجمعه سعاة. وسعى المصدق يسعى سعاية إذا عمل على الصدقات وأخذها من أغنيائها وردها في فقرائها. وسعى سعاية أيضا: مشى لأخذ الصدقة فقبضها من المصدق. والسعاة:
ولاة الصدقة، قال عمرو بن العداء الكلبي:
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا، فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟
وفي حديث وائل بن حجر: إن وائلا يستسعى ويترفل على الأقوال أي يستعمل على الصدقات ويتولى استخراجها من أربابها، وبه سمي عامل الزكاة الساعي. ومنه قوله:
ولتدركن القلاص فلا يسعى عليها أي تترك زكاتها فلا يكون لها ساع. وسعى عليها: كعمل عليها. والساعي: الذي يقوم بأمر أصحابه عند السلطان، والجمع السعاة. قال: ويقال إنه ليقوم أهله أي يقوم بأمرهم. ويقال: فلان يسعى على عياله أي يتصرف لهم، كما قال الشاعر:
أسعى على جل بني مالك، كل امرئ في شأنه ساعي وسعى به سعاية إلى الوالي: وشى. وفي حديث ابن عباس أنه قال:
الساعي لغير رشدة، أراد بالساعي الذي يسعى بصاحبه إلى سلطانه فيمحل به ليؤذيه أي أنه ليس ثابت النسب من أبيه الذي ينتمي إليه ولا هو ولد حلال. وفي حديث كعب:
الساعي مثلث، تأويله أنه يهلك ثلاثة نفر بسعايته: أحدهم المسعي به، والثاني السلطان الذي سعى بصاحبه إليه حتى أهلكه، والثالث هو الساعي نفسه، سمي مثلثا لإهلاكه ثلاثة نفر، ومما يحقق ذلك الخبر الثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا يدخل الجنة قتات، فالقتات والساعي والماحل واحد.
واستسعى العبد: كلفه من العمل ما يؤدي به عن نفسه إذا أعتق بعضه ليعتق به ما بقي، والسعاية ما كلف من ذلك. وسعى المكاتب في عتق رقبته سعاية واستسعيت العبد في قيمته. وفي حديث العتق: إذا أعتق بعض العبد فإن لم يكن له مال استسعي غير مشقوق عليه، استسعاء العبد إذا عتق بعضه ورق بعضه هو أن يسعى في فكاك ما بقي من رقه فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه، فسمي تصرفه في كسبه سعاية، وغير مشقوق عليه أي لا يكلفه فوق طاقته، وقيل: معناه استسعي العبد لسيده أي يستخدمه مالك باقيه بقدر ما فيه من الرق ولا يحمله ما لا يقدر عليه. وقال الخطابي: قوله استسعي غير مشقوق عليه لا يثبته أكثر أهل النقل مسندا عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست