شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٦٨
الثلاثة حروف العلة، لأنها تتغير ولا تبقى على حال، كالعليل المنحرف المزاج المتغير حال بحال، وتغيير هذه الحروف لطلب الخفة ليس لغاية ثقلها بل لغاية خفتها، بحيث لا تحتمل أدنى ثقل، وأيضا لكثرتها في الكلام، لأنه إن خلت كلمة من أحدها فخلوها من أبعاضها - أعنى الحركات - محال، وكل كثير مستثقل وإن خف قوله " ولا تكون الألف أصلا في المتمكن ": أما في الثلاثي فلان الابتداء بالألف محال والاخر مورد الحركات الاعرابية، والوسط يتحرك في التصغير، فلم يمكن وضعها ألفا، وأما في الرباعي فالأول والثاني والرابع لما مر في الثلاثي، والثالث لتحركه في التصغير، وأما في الخماسي فالأول والثاني والثالث لما مر في الثلاثي والرباعي، والخامس لأنه مورد الاعراب، والرابع لكونه معتقب الاعراب في التصغير والتكسير، وأما في الفعل الثلاثي فلتحرك ثلاثتها في الماضي، وأما في الرباعي فلاتباعه الثلاثي وقد ذكر بعضهم أن الألف في نحو حاحيت وعاعيت غير منقلبة كما مر في باب ذي الزيادة (1)

(1) لم يذكر المؤلف النسبة بين الابدال والقلب والاعلال وتخفيف الهمزة والتعويض، وهذه الأشياء بين بعضها وبعض مناسبات وفروق، فيجمل بالباحث معرفة ما بينها من الصلات وما بينها من الفروق، وسنذكر لك حقيقة كل واحد من هذه الأنواع ثم نبين وجوه الاتحاد والاختلاف فنقول:
(1) الابدال في اللغة مصدر قولك: أبدلت الشئ من الشئ، إذا أقمته مقامه ويقال في هذا المعنى: أبدلته، وبدلته، وتبدلته، واستبدلته، وتبدلت به، واستبدلت به، قال سيبويه: " ويقول الرجل للرجل: اذهب معك بفلان، فيقول: معي رجل بدله: أي رجل يغنى غناءه ويكون في مكانه " اه‍ والابدال في اصطلاح علماء العربية: جعل حرف في مكان حرف آخر، وهو عندهم لا يختص بأحرف العلة وما يشبه أحرف العلة، سواء أكان للادغام أم لم يكن، وسواء أكان لازما أم غير لازم، ولا بد فيه من أن يكون الحرف المبدل في مكان الحرف المبدل منه وإذا تأملت هذا علمت أنه لا فرق بين الابدال في اللغة والابدال في اصطلاح أهل هذه الصناعة إلا من جهة أن الاصطلاح خصه بالحروف، وقد كان في اللغة عاما في الحروف وفى غيرها (ب) وللعلماء في تفسير القلب ثلاث طرق: الأولى - وهي التي ذكرها الرضي هنا - أنه جعل حروف العلة والهمزة بعضها مكان بعض، وهو على هذا التفسير يشمل تخفيف الهمزة في نحو بير وسوتم ورأس، ويخرج منه إبدال الواو والياء تاء في نحوا اتعد واتسر. والطريق الثانية - وهي التي سلكها ان الحاجب - أنه جعل حرف مكان حرف العلة للتخفيف، فهو عنده خاص بأن يكون المقلوب حرف علة، وأن يكون القلب للتخفيف، وهو من ناحية أخرى عام في المقلوب إليه حرف العلة، فيخرج عنه تخفيف الهمزة في نحو بير وسوتم ورأس وخطايا، ويدخل فيه قلب الواو والياء تاء نحو اتعد واتسر، وهمزة نحو أواصل وأجوه وأقتت والأول. والطريق الثالثة - وهي التي سلكها غير هذين من متأخري الصرفيين كالزمخشري وابن مالك - أنه جعل حروف العلة بعضها مكان بعض، فيخرج عنه تخفيف الهمزة وقلب حرف العلة تاء أو همزة أو غيرهما من الحروف الصحيحة، ويدخل هذان النوعان عند هؤلاء في الابدال (ح) الاعلال في اصطلاح علماء العربية: تغيير حرف العلة بالقلب أو التسكين أو الحذف قصدا إلى التخفيف (د) تخفيف الهمزة: تغييرها بحذفها أو قلبها إلى حرف من حروف العلة، أو جعلها بين الهمزة وحروف العلة (ه‍) التعويض في اللغة: جعل الشئ خلفا عن غيره، وفى الاصطلاح: جعل الحرف خلفا عن الحرف. وللعلماء فيه مذهبان: أحدهما أنه يشترط كون الحرف المعوض في غير مكان الحرف المعوض منه، وهذا ضعيف وإن اشتهر عند الكثيرين، والثاني أنه يجوز فيه أن يكون الحرف المعوض في غير مكان المعوض منه، وهو الغالب الكثير، نحو صفة وعدة، ونحو ابن واسم بناء على أنه من السمو، ويجوز أن يكون المعوض في مكان المعوض منه، كالتاء في أخت وبنت بناء على رأى، وكالألف في اسم بناء على أنه من الوسم، وكالياء في فرازيق وفريزيق، فإنهما في مكان الدال من فرزدق.
فإذا علمت هذا تبين لك ما يأتي:
أولا: أن بين الابدال والقلب - على الطريق الأولى - العموم والخصوص المطلق، إذ يجتمعان في إبدال حروف العلة والهمزة، وينفرد الابدال في ادكر أو الطجع ونحوهما مما ليس في حروف العلة والهمزة ثانيا: أن بين الابدال والقلب - على الطريق الثانية - العموم والخصوص المطلق أيضا، إذ يجتمعان في نحو قال وباع وميزان وكساء ورداء واتصل واتسر، وينفرد الابدال في تظنى وفى أصيلال ونحوها ثالثا: أن بين الابدال والقلب - على الطريق الثالثة - العموم والخصوص المطلق أيضا، إذ يجتمعان في نحو قال وباع وميزان وسيد وميت، وينفرد الابدال في نحو دينار وقيراط وعلج وتميمج رابعا: أن بين الابدال والاعلال عموما وخصوصا وجهيا، إذ يجتمعان في نحو قال ورمى، وينفرد الابدال في نحو ادكر وازدحم واصطبر واضطجع، وينفرد الاعلال في نحو يقول ويبيع ويذكو ويسمو ويرمى ويقضى، ويعد ويصف، وعد وصف: أمرين من وعد ووصف خامسا: أن بين الابدال وتخفيف الهمزة عموما وخصوصا وجهيا إذ يجتمعان في نحو رأس وبير ولوم، وينفرد الابدال في هراق في أراق، وهياك في إياك، وينفرد تخفيف الهمزة في نحو مسلة في مسألة وجيل في جيأل، وضو في ضوء، وشى في شئ سادسا: أن بيد الابدال والتعويض على المشهور التباين، إذ يشترط في الابدال كون المبدل في مكان المبدل منه، ويشترط في التعويض أن يكون العوض في غير مكان المعوض منه. وعلى غير المشهور يكون بينهما العموم والخصوص المطلق، فكل إبدال تعويض ولا عكس، إذ يجتمعان في نحو فرازيق، وينفرد التعويض في نحو عدة وزنة وابن سابعا: أن بين الاعلال وتخفيف الهمزة التباين، إذ الاعلال خاص بحروف العلة، وتخفيف الهمزة خاص بالهمزة بداهة، ومن أدخل الهمزة في حروف العلة أو نص عليها في تعريف الاعلال، فقال: " إنه تغيير حروف العلة أو الهمزة بالقلب أو الحذف أو الاسكان " كان بين الاعلال وتخفيف الهمزة عنده العموم والخصوص الوجهى، إذ يجتمعان في نحو سال ومقرو، ونبى على أنه من النبأ، وينفرد الاعلال في نحو قال وباع ويقول ويبيع وقل وبع، وينفرد تخفيف الهمزة في جعلها بين بين ثامنا: أن بين الاعلال والقلب - على الطريق الأولى - العموم والخصوص الوجهى، إذ يجتمعان في نحو قال، وينفرد الاعلال في نحو يقول وقل، وينفرد القلب في نحو بير ورأس، وهذا على الرأي المشهور. أما على رأى من يجعل الهمزة من حروف العلة فيكون بين القلب والاعلال - على الطريق المذكورة - العموم والخصوص المطلق، إذ ينفرد الاعلال عن القلب في الحذف والتسكين، ويكون بينهما - على الطريق الثانية والثالثة - العموم والخصوص المطلق، إذ يجتمعان في نحو قال ورمى وأواصل واتعد واتسر، وينفرد الاعلال في الحذف والاسكان تاسعا: أن بين الاعلال والتعويض التباين عاشرا: أن بين القلب - على الطريق الأولى - وتخفيف الهمزة العموم والخصوص الوجهى، إذ يجتمعان في نحو بير، وينفرد تخفيف الهمزة في نحو مسلة، وينفرد القلب في نحو قال. أما على الطريق الثانية والثالثة فبينهما التباين، إذ شرط القلب أن يكون المقلوب حرفا من حروف العلة، وتخفيف الهمزة خاص بها حادى عشر: أن بين تخفيف الهمزة والتعويض التباين، وهو واضح
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإمالة 4
2 تعريف الإمالة وسببها. بين اللفظين. الترقيق 4
3 أسباب الإمالة ليست بموجبة لها 5
4 عدم تأثير الكسرة في الألف المنقلبة عن واو 8
5 مواضع تأثير الياء في الإمالة الألف 9
6 إمالة الألف المنقلبة عن مكسور في الفعل 10
7 إمالة الألف الصائرة ياء 11
8 الإمالة للإمالة 13
9 إمالة ألف التنوين 14
10 حروف الاستعلاء تمنع الإمالة وشروط ذلك 14
11 أثر الراء في الإمالة 20
12 إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث 24
13 حظ الحروف والأسماء المبنية من الإمالة 26
14 إمالة عسى 26
15 إمالة أسماء حروف التهجي 27
16 إمالة الفتحة منفردة 27
17 تخفيف الهمزة. أنواعه وشرطه 30
18 كان أهل الحجاز ولا سيما قريش لا يهمزون 32
19 تخفيف الهمزة الساكنة 32
20 تخفيف الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها 32
21 تخفيف الهمزة المتحركة المتحرك ما قبلها 44
22 التزام حذف همزة خذ و كل في التخفيف دون مر 50
23 تخفيف ما أوله همزة إذا دخلت عليه أل 51
24 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا تحركت الأولى فقط 52
25 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا سكنت الأولي وتحركت الثانية 53
26 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا تحركتا 53
27 رأى العلماء في تخفيف الجموع التي آخرها ياء قبلها همزة نحو مطايا 59
28 طريق التخفيف فيما توالى فيه أكثر من همزتين 62
29 تخفيف الهمزة المجتمعتين في كلمتين 63
30 الإعلال 66
31 تعريف الإعلال وأنواعه وحروفه 66
32 مواقع الواو والياء في الكلمات 71
33 قلب الواو همزة إذا كانت فاء 76
34 قلب كل من الواو والياء تاء إذا وقع فاء 80
35 قلب الواو ياء والياء واوا 83
36 حذف كل من الواو والياء إذا وقع فاء 87
37 قولهم لا يجمع بين إعلالين في كلمة فيه نظر 93
38 قلب الواو والياء ألفا إذا وقعتا عينين 95
39 تصحيح العين عند اعتلال اللام 112
40 اللغات في استحى وتخريج العلماء لها 119
41 صيغ ظاهرها ما يقتضى الإعلال ولكن لم تعل، وسبب ذلك 123
42 قلب كل من الياء والواو همزة إذا وقع عينا 127
43 حكم الياء إذا كانت عينا لفعلي 134
44 حكم الواو المكسور ما قبلها إذا وقعت عينا 137
45 قلب الواو ياء إذا اجتمع مع ياء 139
46 الإعلال بالنقل 143
47 لغات الأجوف المبنى للمفعول 155
48 شروط إعلال العين في الاسم غير الثلاثي 156
49 قلب الواو والياء ألفا إذا وقعتا لأمين 157
50 قلب الواو ياء إذا وقعت لاما 160
51 قلب كل من الواو والياء همزة إذا وقع طرفا 173
52 قلب الياء واوا والواو ياء في الناقص 177
53 قلب الياء ألفا والهمزة ياء في فعائل وشبهه 179
54 مواضع إسكان الواو والياء 182
55 مواضع حذف الواو والياء إذا كانتا لأمين 185
56 حذف اللام سماعا 186
57 حكم الياءين المجتمعتين من حيث الإعلال وعدمه 186
58 حكم الياءات الثلاثة إذا اجتمعت 187
59 حكم الياءات الأربعة إذا اجتمعت 191
60 حكم الواوين إذا اجتمعتا 193
61 حكم الواوات الثلاثة إذا اجتمعت في الآخر 195
62 حكمها إذا اجتمعت في الوسط 196
63 حكم الواوات الأربعة إذا اجتمعت 196
64 الابدال 197
65 تعريف الابدال وأماراته حروف الابدال 199
66 مواطن إبدال الهمزة 203
67 مواطن إبدال الألف 208
68 مواطن إبدال الياء 209
69 مواطن إبدال الواو 213
70 مواطن إبدال الميم 215
71 مواطن إبدال النون 218
72 مواطن إبدال التاء 219
73 مواطن إبدال الهاء 222
74 مواطن إبدال اللام 226
75 مواطن إبدال الطاء مواطن إبدال الدال 227
76 مواطن إبدال الجيم 229
77 مواطن إبدال الصاد 230
78 مواطن إبدال الزاي 231
79 أنحاء الصاد نحو الزاي وإشمام السين صوت الزاي 232
80 قلب السين زايا عند كلب 233
81 إشراب الجيم والشين صوت الزاي 233
82 الادغام 234
83 إدغام المثلين والمتقاربين 235
84 حكم الهمزتين المتجاورتين من حيث الادغام وعدمه 236
85 حكم الواو والياء الساكنين إذا وليهما متحرك كذلك 237
86 لم يضع العرب اسما أو فعلا رباعيا أو خماسيا فيه حرفان أصليان متماثلا متصلان 238
87 ليس في الأسماء التي توازن الافعال مزيد في أوله أو وسطه مثلان متحركان 239
88 حكم اجتماع المثلين في أول الكلمة ووسطها 239
89 حكم اجتماع المثلين في آخر الكلمة 240
90 حكم اجتماع المثلين في كلمتين 247
91 مخارج الحروف الأصلية 250
92 مخارج الحروف الفرعية 254
93 صفات الحروف 257
94 طريق إدغام المتقاربين 264
95 امتناع إدغام المتقاربين للبس أو ثقل 266
96 امتناع إدغام المتقاربين للمحافظة على صفة الحرف 269
97 المسوغ الإدغام كل من الواو والياء في صاحبه 270
98 المسوغ الإدغام النون في اللام 271
99 دواعي إخفاء النون في غير حروف الحلق 272
100 إدغام حروف الحلق 276
101 إدغام اللام المعرفة 279
102 ادغام النون جوازا 280
103 ادغام التاء والدال والذال والطاء والظاء والثاء 280
104 ادغام تاء الافتعال والادغام فيها 283
105 ادغام تاء المضارعة في تتفعل وتتفاعل وتخفيفها 290
106 إدغام تاء تفعل وتفاعل ماضيين 291
107 الحذف 292
108 مسائل التمرين 294
109 الخط 312
110 الأصل في الكتابة تصوير اللفظ بحروف هجائه 312
111 الأصل في الكتابة أن تكون بالنظر للابتداء والوقف 315
112 كتابة الهمزة أولا ووسطا وآخرا 319
113 الفصل والوصل 325
114 الزيادة 327
115 النقص 328
116 البدل 332