بالأيمان ألا يغدرا ولا ينكثا ولا يحدثا فسادا. والله يا بن عباس ما قصدا إلا الفتنة، فكأني بهما وقد صارا إلى مكة ليستعينا على حربي، فإن يعلى بن منية الخائن الفاجر قد حمل أموال العراق وفارس لينفق ذلك، وسيفسد هذان الرجلان علي أمري، ويسفكان دماء شيعتي وأنصاري.
فقال عبد الله بن عباس: إذا كان عندك الأمر كذلك فلم أذنت لهما؟ وهلا حبستهما وأوثقتهما بالحديد، وكفيت المسلمين شرهما؟
فقال له (عليه السلام): يا بن عباس، أتأمرني أن أبدأ بالظلم وبالسيئة قبل الحسنة، وأعاقب على الظنة والتهمة وآخذ بالفعل قبل كونه؟ كلا! والله لا عدلت عما أخذ الله علي من الحكم بالعدل، ولا القول بالفصل. يا بن عباس، إنني أذنت لهما وأعرف ما يكون منهما، لكنني استظهرت بالله عليهما، والله لأقتلنهما وليخيبن ظنهما، ولا يلقيان من الأمر مناهما، فإن الله يأخذهما بظلمهما لي، ونكثهما بيعتي، وبغيهما علي (1).
1723 - تاريخ الطبري عن جندب: لما بلغ عليا مصاب بني ناجية وقتل صاحبهم، قال: هوت أمه! ما كان أنقص عقله، وأجرأه على ربه! فإن جائيا جاءني مرة فقال لي: في أصحابك رجال قد خشيت أن يفارقوك، فما ترى فيهم؟
فقلت له: إني لا آخذ على التهمة، ولا أعاقب على الظن، ولا أقاتل إلا من خالفني وناصبني وأظهر لي العداوة، ولست مقاتله حتى أدعوه وأعذر إليه، فإن تاب ورجع إلينا قبلنا منه، وهو أخونا، وإن أبى إلا الاعتزام على حربنا استعنا