من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٩
وخارجه. فكما الرسول الظاهري لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، كذلك الرسول الباطني يتناغم مع تعاليم الوحي ولا يتنافر معها أبدا.
ولذا أسس علماء أصول الفقه قولهم بأن (كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، وكل ما حكم به العقل حكم به الشرع).
ومن أدلتهم على ذلك الحديث الوارد عن الإمام الكاظم (عليه السلام): " إن لله على الناس حجتين، حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام) وأما الباطنة فالعقول " (1).
ومن وصاياه (عليه السلام) أيضا قوله: " ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة " (2).
فالعلاقة بين العقل والأخلاق الحسنة علاقة الموجه والموجه. إن العقل هو الذي يدل إلى فهم الأخلاق الحسنة وطريقة الالتزام بها أيضا وتعرية ضده، أي الجهل الذي يسقط صاحبه في الأخلاق السيئة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " الخلق المحمود من ثمار العقل، والخلق المذموم من ثمار الجهل ". (3) وهكذا فتطبيق التعاليم الأخلاقية من خلال قيادة العقل المنفتح على الشرع أمر عملي في عصرنا، فلا عذر للمتخلف عن القيم الأخلاقية الثابتة والمجربة في سلوك الهداة، وليس التبرير بظواهر الزمان المتغيرة إلا هروب من المسؤولية الشرعية إلى عبادة الهوى.
قال الله تعالى: * (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) * (4).
فالسلوك الفردي والالتزامات الاجتماعية والآداب الشخصية فروع تنبثق من أصول

1 - بحار الأنوار / ج 1 ص 137.
2 - أصول الكافي / ج 1 ص 16.
3 - ميزان الحكمة / ج 3 ص 138 4 - سورة الكهف: الآية / 28
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»