قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون، قال: فتمر بنا خيل لهم تحرسنا، وإن حسينا (عليه السلام) ليقرأ: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) (1).
فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا، فقال: نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم، قال: فعرفته، فقلت لبرير بن خضير: تدري من هذا؟ قال: لا، قلت: هذا أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر وكان مضحاكا بطلا ، وكان شريفا شجاعا فاتكا، وكان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية، فقال له برير بن خضير: يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين، فقال له: من أنت؟
قال: أنا برير بن خضير، قال: إنا لله، عز علي هلكت والله هلكت والله يا برير، قال: يا أبا حرب هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام، فوالله إنا لنحن الطيبون ولكنكم لأنتم الخبيثون، قال: وأنا على ذلك من الشاهدين، قلت: ويحك أفلا ينفعك معرفتك، قال: جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة الغفري من عنز بن وائل، قال: ها هو ذا معي، قال: قبح الله رأيك على كل حال أنت سفيه، قال: ثم انصرف عنا، وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الأحمسي وكان على الخيل (2).
وقد رويت هذه الحادثة بصورة أخرى كما عن ابن الأعثم الكوفي