يتأكد رسوخ الصور والألفاظ والتراكيب المائية في نسيج القصيدة، وربما تجاوز الماء إلى كل الظواهر والأشياء السائلة بحيث نرى أنه لا يكاد أن يخلو بيت شعري لعلي الفرج من ذلك، وسنحصي ذلك بالترتيب في قصيدته (اغسلي، دمعا، ذاب، السحاب، دمعة، دما، الأقداح، يراق، الأكواب، دمه، سكاب، الظمأ، ضباب، جرى، الفرات، وريدا، دماها، سلسل، منساب، ماء، ملأى، القراب) في الأبيات العشرة الأولى فيحقق انسيابية سيالة لرؤاه وصوره لكي يشكل مدخلا إلى مشهد الفجيعة الذي يتعمد فيه الشاعر عدم استخدام مفرداته المائية ليصور ليلة عاشوراء ويخاطبها واصفا إياها بليلة انخساف المرايا فلا انعكاس أمام وجه الزمن لكن الشاعر يخرج من هذا المشهد وينهي القصيدة بهذا البيت:
وفؤاد الحسين ذاب حنانا * وعجيب يذوب فوق الحراب فحتى الشهادة العظيمة لسيد الشهداء عليه السلام يصورها علي الفرج بصورة الذوبان فوق الحراب مبديا عجبه لذلك، لكننا لا نعجب فالشاعر يريد للشهادة المحببة إلى نفسه أن تتزيى بحلة الماء الذي يحقق حيوية شاعرية علي الفرج المنفتحة على مصاديق الآية الكريمة (وجعلنا من الماء كل شئ حي) على مستويين: شعوري يصاحبه الإختيار الواعي، ولا شعوري دفين في رغبات وأماني علي الفرج الذي يختار لقصائده أوزانا منسابة برشاقة الإيقاع الشعري كبحري الخفيف والبسيط اللذين طالما كتب بهما أجمل قصائده.