رهبان ليل والعبادة دأبهم * أما الضحى فيرى الجميع أسودا والليل يطربه نشيد صلاتهم * والنجم يرعى للأباة سجودا خطبوا الردى بدمائهم فكأنما * قد أمهروه ذمة وعهودا يفدون بالمهج الحسين لأنهم * عرفوا ومذ كان الحسين وليدا أن الوصية لم تكن في غيره * والناس ما برحوا لذاك شهودا وبرغم قلتهم ونقص عديدهم * كانت لهم غرب السيوف جنودا هي ليلة كانت برغم سوادها * بيضاء تبعث في الهدى تغريدا راح الحسين السبط يصلح سيفه * فيها ليهزم بالشفار حشودا ويذيق أعناق الطغاة بحده * ضربا يثير زلازلا ورعودا وبدا يعاتب دهره وكأنه * قد كان منه مثقلا مجهودا ويقول أف يا زمان حملت لي * هما وكيدا حالف التنكيدا عميت بصائر هؤلاء عن الهدى * ولقيت منهم ضلة وجحودا والأمر للرحمن جل جلاله * كتب المهيمن أن أموت شهيدا سمعت عقيلة هاشم إنشاده * فأتته تلطم بالأكف خدودا وتقول وا ثكلاه ليت منيتي * جاءت وشقت لي فداك لحودا اليوم ماتت يا ابن أمي فاطم * واليوم أصبح والدي ملحودا واليوم مات أخي الزكي المجتبى * والحزن سهد مقلتي تسهيدا فأجابها كل الوجود إلى الفنا * إلا الذي وهب الحياة وجودا لا تجزعي أختاه صبرا واعلمي * أني سألقى في الجنان خلودا مهما تمردت الطغاة فإنما * جنح البعوضة أهلك النمرودا
(٢٥٠)