الأستاذ جاسم الصحيح (1) نحن إزاء شاعرية تهندس خطابها بصخب هادر وتزاوج رؤاها بليونة الطين في يد النحات المتمرس.
هناك مخطط في بناء القصيدة لا يخطئ المتلقي في فرزه وتمييزه، وهناك جهد يختبئ خلف سطور النص، وهناك جدارة تنزوي خوفا من قسوة التلقي وبطشه، لكن هناك جرأة وشجاعة على مستوى التعبير وعلى مستوى الخروج على النمط لا يستطيع القارئ إغفاله:
يا ليلة كست الزمان بغابة * من روحها قمرية الأدغال إن القوافي سلسة المجئ إلى نهايات البيت الشعري ولها ما يبرر مجيئها في حشو البيت، لكن ما هذه الجرأة في التركيب (غابة من روحها) وما هذا الإنشاء التصويري في المزاوجة بين خطابه لليلة وبين اكتساء الزمان منها بضوء قمر جاء على شكل غابة من الروح أدغالها نورانية الإشعاع؟
وسنلاحظ هذا النهج في أكثر من بيت عند الصحيح مما يؤكد أصالة الالتصاق والإلتحام بما هو جوهري في التأمل الشعري وكيفية معالجته.
والأمثلة تتعدد في قصيدته الهادرة فمثلا نلاحظ:
فهنا الحسين يخيط من أحلامه * فجرين: فجر هوى وفجر نضال وهنا الحسين يريق نبض فؤاده * متمرغا في جهشة الأطفال ونلاحظ (متمرغا في جهشة الأطفال) التي لها معنى بعيد عن المعنى