وفي ليلة عاشوراء بعد ما خيم الليل وأرخى ستره، حيث إن الليل ستير، والسبيل غير خطير، يقف (عليه السلام) خاطبا في أصحابه آذنا لهم بالتفرق والانصراف عنه، في وقت يتطلب الناصر والمعين، قائلا لهم: ألا وإني قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم حرج مني ولا ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم، ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري (1) وفي رواية أخرى قال لهم: وأنتم في حل وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني (2).
الامر الذي يدل على عدم إكراهه (عليه السلام) لاحد منهم على مناصرته.
وقد أكد هذا الامر أيضا للحضرمي حينما سمع أن ابنه أسر في ثغر الري قال له (عليه السلام) رحمك الله، أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك (3)؟!
هذا ولم يبد (عليه السلام) لهم وحشته وانكساره فيما لو تفرقوا عنه، بل أكد عليهم أن انصرافهم عنه ليلا أسهل منه نهارا، وذلك للاختفاء عن الأنظار بعكس النهار الذي قد لا يأمن فيه الهارب من الطلب.
ولذا قال (عليه السلام) كما في بعض الروايات: فالليل ستير والسبيل غير خطير، والوقت ليس بهجير.... (4) والحسين (عليه السلام) على الرغم من إبلاغ أصحابه بذلك وتركه الامر لهم، إلا أنه أخذ يؤكد عليهم في ذلك مرارا، كما حصل هذا مع نافع بن هلال، وذلك حينما تبع _