المرء يحفظ في ولده، وبهذا الحديث استشهدت الصديقة فاطمة الزهراء في خطبتها الكبيرة عند احتجاجها على الأنصار... الخ.
فبنوا إسرائيل قد حفظوا عمران من بعده في أبنته مريم وقد عاشت في أوساطهم منذ ولادتها ونشأتها الأولى عزيزة مكرمة حتى إذا بلغت مبلغ النساء أكرمها الله تعالى بعيسى فكان آية من آياته، كما قص ذلك سبحانه في سورة مريم.
خوارق العادات في ولادة عيسى قال تعالى: " واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16) فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا " [مريم / 17 - 18].
استعرض الله تعالى في هاتين الآيتين وما بعدهما من الآيات كيفية خلقه لعيسى وحمل أمه به وكيفية ولادته وما في ذلك من عبر، وذلك أن مريم خرجت ذات يوم من أهلها إلى مكان شرقي من جهة الشرق قيل لتغسل رأسها وتمشطه، وقيل لتنفرد فيه للعبادة لئلا تشغل بهم، هذا وقد اتخذت من دون أهلها حجابا يكون سترا بينها وبينهم، فتمثل لها جبرئيل في صورة شاب جميل فلما نظرت إليه استعاذت بالله تعالى منه حيث " قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا " أي اعتصم بالرحمن منك إن كنت من المتقين الخائفين من الله، فأجابها جبرئيل " قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا " فأنكرت ذلك عليه مستغربة لأنه لم يكن في العادة أن تحمل امرأة من غير رجل لذا " قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر