اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون. وإذا قرأت القرآن، جعلنا بينك، وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة، حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده، ولوا على أدبارهم نفورا، الحمد لله رب العالمين اللهم، إني أسألك، باسمك الذي به تقوم السماء، وبه تقوم الأرض، وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وبه أحصيت عدد الرمال، وزنة الجبال، وكيل البحار، أن تصلي على محمد وآله، وأن تجعل لي من أمري فرجا، إنك على كل شئ قدير.. " (1).
لقد علمنا الإمام عليه السلام كيف ندعو الله وكيف نتوسل إليه وكيف نناجيه.
أرأيتم، كيف خاطب الامام ربه، بهذا الدعاء الحافل، بجميع ألوان الأدب والخضوع؟! ومن الطبيعي، أنه ناشئ عن معرفته الكاملة، بالله تعالى، مصدر الفيض لجميع الكائنات.
وحكى هذا الدعاء، التجاء الإمام عليه السلام إلى الله، وشكواه إليه، ممن بغى عليه من حكام عصره، الذين جهدوا على ظلمه، وقهره، وفي طليعتهم المنصور الدوانيقي، العدو الأول للأسرة النبوية، الذي تجاوز ببطشه لهم ما اقترفه الأمويون من إثم وظلم.