الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٨٩
الحق أن أبا جعفر كان من فزعه من الآخرة وحاجته إلى رضى الرعية صادق الرغبة في التقرب إلى العلماء، ومن أجل ذلك كان يرضى منهم ما يصك مسامعه من النقد وإن كان لا يستجيب له.
طلب ذلك من صديقه عمرو بن عبيد. والمعافري (1)، فاعتزلاه لكثرة الظلم على بابه كما قالا له. وهز ضميره ابن أبي ذؤيب وتوعده بجهنم.
وكمثله صنع ابن طاووس فقبل استعفاء الصديقين. وأقر صدق ابن أبي ذؤيب (2) فقال له: لولا أنني أعلم أنك صادق لقطعت عنقك، كما ارتاح لابن طاووس مع رفضه أن يطيعه مخافة أن تؤدى طاعته إلى المشاركة في معصية.
ولقد رفض أبو حنيفة أن يجلس للقضاء في دولته بحجة الخوف من أن يظلم الناس إرضاء لحاشية يحب أبو جعفر أن يكرمها. وما إكرام الحاشية إلا الحكم لمصلحتها فيما ترتكب من مظالم، لحساب صاحب السلطان أو نتيجة إغضائه. وهذا رد فقهي من إمام أهل الرأي يتضمن التنديد بأبي جعفر وصحبته.
وصحبة الظالم وجه مشاركة في الحكم، وربما في الظلم، بتوطيد الأمور للظالم أو بتمكينه أن يبلغ غرضه، أو تقديم مصلحته على مصلحة

(1) لما استخلف أبو جعفر قصد إليه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري قادما من القيروان وكان زميلا له في عهد الطلب، فعرض عليه المقام ببغداد. وقال له كيف رأيت ما وراء بابنا؟ فأجابه: رأيت ظلما فاشيا وأمرا قبيحا. قال: لعله فيما بعد من بابي. فأجابه: بل كلما قربت استفحل الأمر وغلظ. قال: ما يمنعك أن ترفع ذلك إلينا وقولك مقبول عندنا؟ فأجابه:
رأيت السلطان سوقا. وإنما يرفع إلى كل سوق ما ينفق فيها. قال. كأنك كرهت صحبتنا؟
فأجابه: ما يدرك المال والشرف إلا من صحبتكم. ولكني تركت عجوزا. وإني أحب مطالعتها.
(2) يفضل أحمد بن حنبل ابن أبي ذؤيب على مالك لمجاهرته بالحق في وجه أبى جعفر.
وتقدير الشافعي لابن أبي ذؤيب يتراءى في رأى تلميذه أحمد. وفي رواية الشافعي عن عمه في صدده. أما تقدير مالك فكان عن مشاهدة أو مشاركة.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 89 90 91 92 93 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375