الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٥٤
والرجال الستون الذين يتألف منهم ركبه، إلا غلاما مريضا عاجزا أن يتحرك هو ابنه زين العابدين (علي بن الحسين)! وساق المجرمون الحريم. وجهز عبيد الله بن زياد، زينب بنت على (1) وهذا الابن الوحيد الباقي من ذرية النبي، ومن معهما من الحريم، مع الرأس التي طالما مسح عليها، وقبل فاها، رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يزيد بن معاوية في دمشق.
وأعاد يزيد الوفد إلى المدينة.
* * * إن في إنسانية البشر قابلية للفساد كهيئة قابلية المواد للهبوط إلى الأرض بقانون الجاذبية. والإسلام لذلك يرفع الناس إلى أعلى، إذ يدفع الأنفس إلى ما هو أقوم، بالعبادة اليومية على مدار الليل والنهار، وتطهير النفس على مدار العمر.
ومن الفساد ما يستغلظ فيحوج إصلاحه إلى آية من السماء مثل كسوف الشمس وخسوف القمر. وفي استشهاد أبى الشهداء آية من الآيات.

(1) اشتركت السيدة زينب أخت الحسين من أبيه وأمه معه في المعركة. وكان أثرها في مصير أهل البيت عظيما.
كانت زوجا لابن عمها عبد الله بن جعفر وكان قد أذن لها في الخروج مع الحسين فكانت تمرض المصابين في الصفوف أثناء القتال. ولقد هم شمر بن ذي الجوشن بقتل زين العابدين، فاحتضنته لتقتل معه، فانصرف المجرم مذموما مدحورا. ولما انتهت المعركة اقتيدت بين الأسرى إلى ابن زياد في الكوفة وإلى يزيد في دمشق ومعها زين العابدين تكلؤه بعناية الله على يديها لينجب، فيتسلسل منه أئمة أهل البيت الاثنا عشر، بل كل نسل الحسين من الرجال. وكانت مثال الشجاعة والبلاغة العلويتين في وجه ابن زياد ويزيد.
ولما أعيد الأسرى إلى المدينة أمر يزيد بإبعادها إلى مصر فسارت إليها، فاستقبلها أهل مصر في بلدة بلبيس على مبعدة عشرات الأميال من الفسطاط، وعلى رأس مستقبليها أمير مصر " مسلمة بن مخلد " فعاشت في مصر عاما. ثم ماتت سنة 62. قبرها في الحي المعروف باسمها وهو من أقدم أحياء القاهرة. وعلى مقربة منها حي السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن.
جاءت إلى مصر مع زوجها في المائة الثانية للهجرة ولقيها الإمام الشافعي ولما مات حملت جنازته إليها فصلت عليها وقالت (رحم الله الشافعي. إنه كان يحسن الوضوء) ويحمل اسم السيدة نفيسة حي معروف بالقاهرة، كما يحمل اسم " الحسين " المسجد الأشهر بالقاهرة والحي الذي يمجد عاصمة مصر وتتعالى فيه معاهد الجامع الأزهر وغيره من آثار الدولة الفاطمية والدولة الأيوبية ودولتي المماليك.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375