الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٤٥
كالذين درسوه والذين صدقوا فيه، يفهمون المرارة في قول أمير المؤمنين (أنزلني الدهر حتى قيل علي ومعاوية!).
رضى الله عن أمير المؤمنين وأرضاه. فما كان ذلك ليقع إلا في آخر الزمان الذي قدره الله للخلفاء الراشدين (1) وفي آخر الأيام التي قدرها الله لحياته لقد طعنه عبد الرحمن بن ملجم في السابع عشر من رمضان سنة 40، باتفاق بينه وبين زميلين من " الخوارج " أن يقتلوا عليا ومعاوية وعمرا.
فأصيب معاوية في عجزه. ولم يصب عمرو إذ لم يخرج للصلاة وأناب نائبا عنه فقتل.

(1) أما أهل السنة فيمثل رأيهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل إذ سئل من الخلفاء؟ وأجاب، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. قال: السائل فمعاوية؟ قال أحمد (لم يكن أحد أحق بالخلافة في زمن علي من علي. ورحم الله معاوية). ولما ذكر عنده سير عائشة مع طلحة والزبير قال: فكرت في طلحة والزبير، أهما كانا يريدان أعدل من علي بن أبي طالب؟ رضوان الله عليهم أجمعين - وجاءه يوما جماعة فأكثروا القول وأطالوه في خلافة علي فرفع إليهم رأسه وقال: إن الخلافة لم تزين عليا ولكن عليا زينها.
ومثل الشافي رأى المسلمين عندما قال رجل (ما نفر الناس من علي إلا لأنه كان لا يبالي بأحد) فبهته الشافعي بقوله (كان له أربع خصال لا تكون واحدة منها لإنسان إلا ويحق له ألا يبالي بأحد: أنه كان زاهدا. والزاهد لا يبالي بالدنيا وأهلها. وكان عالما. والعالم لا يبالي بأحد. وكان شجاعا. والشجاع لا يبالي بأحد. وكان شريفا. والشريف لا يبالي بأحد).
وأما الخوارج على جيشه فكانوا ثمانية آلاف دعاهم ليزيل شبهتهم. فأبوا أن يجيئوه إلا أن يقر بالكفر على نفسه ثم يتوب، فحاربهم ونصره الله عليهم. ثم حاربوا الأمويين العباسيين.
ومع تكفير هم الكثيرين من جمهور المسلمين بدعوى التهاون في الدين فالمسلمون لا يكفرونهم لأنهم متأولون. وأمير المؤمنين علي يعلم المسلمين ذلك بقوله عنهم: " إخواننا بغوا علينا ".
وفقه علي في معاملة العدو وفي الحرب عنوان علي علم الإمام وحلمه. فهما من علم النبي وحلمه.
إذا كانت هند بنت عتبة (أم معاوية) مثلث بجثة أسد الإسلام حمزة يوم أحد، وقال النبي يومذاك (ما وقفت موقفا قط أغيظ لي من هذا) فلما جاءه يوم فتح مكة " وحشي " قاتل حمزة اكتفى بقوله (ويحك غيب عني وجهك). وقال يومذاك لهند بنت عتبة، آكلة الأكباد، (مرحبا بك.) وقال للأعداء (أنتم الطلقاء)، فلقد صنع علي صنيعه " يوم الجمل " عندما ظفر بابن الزبير فاكتفى بأن قال له (لا أرينك بعد اليوم) وظفر بسعيد بن العاص فأعرض عنه. وظفر بأهل البصرة فصفح الصفح الجميل.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375