الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٣٤
ولقد كان كله شجاعة فكر، وبراعة فقه، يوم استشاره عمر في غزو الفرس بنفسه وكرر " أخو النبي " نصحه في بلاغة معلمة وأسانيد تترى. لكنه لم يذكر (السابقة) لعمر كما صنع مع أبي بكر. فالصديق هو إمام (الاتباع) الذي بلغ به مراتبه. اما عمر فهو " يجتهد " ويتبع. وعند علي من (الاتباع) و (الاجتهاد) ما يروى الشيخين معا:
قال لعمر بين ما قال: " إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة. وهو دين الله الذي أظهره.. ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه. فإذا انقطع النظام تفرق الخرز وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا. والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالاجتماع. فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب. وأصلهم دونك نار الحرب.
إنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع من الفورات أهم إليك مما بين يديك. إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولون هذا أصل العرب فإن قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك ومطمعهم فيك.. " فلنلاحظ. هذه الخطة المتعددة الغايات بالحركة الواحدة: أن يبقى قطبا للرحى، وان يستديرها بالعرب، وأن يجعلهم يحاربون العدو بدلا من الخليفة.
وأن يحميهم من تنازعهم ولم يكن قد مضى على توبة بعضهم من الردة الا شهور. ولنلاحظ ذلك الاحتياط في الحرب حتى لا يجد العدو الخليفة غرضا قريبا في متناولة يستميت في إصابته.
ولنلاحظ تشبيه الخليفة بنظام العقد الذي يمسكه أن ينتثر.
ولنلاحظ الوجازة، والنصاعة، والبلاغة " العلوية "، ومستواها في لسان العرب.
ولما قبل الصديق والفاروق نصيحته في الحالين وضعته النصيحتان في موضعه معهما ومن المسلمين - وهو في صدر شبابه - في الصدارة.
ولا ينال من هذه العبقرية في وضع الخطط، ما سيصيبه والمسلمين معه، يوم يستحبون الدعة، بعد ربع قرن عندما آلت إليه المقاليد، وجاء إلى الوجود جيل جديد، فعلت الفتن فيه أفاعيلها. فأتاحت لعلي بدلا من إنفاذ خططه،
(٣٤)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الحرب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375