الأئمة الإثني عشر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣
الإمام علي ومكونات الشخصية:
تعود شخصية كل انسان - حسب ما يرى علماء النفس - إلى ثلاثة عوامل هامة لكل منها نصيب وافر في تكوين الشخصية وأثر عميق في بناء كيانها.
وكأن الشخصية الإنسانية لدى كل انسان أشبه بمثلث يتألف من اتصال هذه الأضلاع الثلاثة بعضها ببعض، وهذه العوامل الثلاثة هي:
1 - الوراثة.
2 - التعليم والثقافة.
3 - البيئة والمحيط.
إن كل ما يتصف به المرء من صفات حسنة أو قبيحة، عالية أو وضيعة تنتقل إلى الإنسان عبر هذه القنوات الثلاث، وتنمو فيه من خلال هذه الطرق.
وان الأبناء لا يرثون منا المال والثروة والأوصاف الظاهرية فقط كملامح الوجه ولون العيون وكيفيات الجسم، بل يرثون كل ما يتمتع به الآباء من خصائص روحية وصفات أخلاقية عن طريق الوراثة كذلك.
فالأبوان - بانفصال جزئي الحويمن والبويضة المكونين للطفل منهما - إنما ينقلان - في الحقيقة - صفاتهما ملخصة إلى الخلية الأولى المكونة من ذينك الجزأين، تلك الخلية الجنينية التي تنمو مع ما تحمل من الصفات والخصوصيات الموروثة.
ويشكل تأثير الثقافة والمحيط، الضلعين الآخرين في مثلث الشخصية الإنسانية، فإن لهذين الأمرين أثرا مهما وعميقا في تنمية السجايا الرفيعة المودعة في باطن كل إنسان بصورة فطرية جبلية أو المتواجدة في كيانه بسبب الوراثة من الأبوين.
فإن في مقدور كل معلم ان يرسم مصير الطفل ومستقبله من خلال ما يلقي إليه من تعليمات وتوصيات وما يعطيه من سيرة وسلوك ومن آراء وأفكار، فكم من بيئة حولت أفرادا صالحين إلى فاسدين، أو فاسدين إلى صالحين.
وإن تأثير هذين العاملين المهمين من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى المزيد من البيان والتوضيح. على أننا يجب أن لا ننسى دور إرادة الإنسان نفسه وراء هذه العوامل الثلاثة.
(٣)