مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٢٨
من شح الماء في الوادي الأجرد غير ذي الزرع.
وذكر بئر زمزم التي أنقذت جده (إسماعيل بن إبراهيم الخليل) من الهلاك ظمأ، وجذبت إلى مكة القوافل من العرب، فعمرت بهم بعد خراب.
وقد طمرت زمزم رمال الزمن، فلو أن عبد المطلب عثر على موضعها، لكانت لسقاية الحجيج موردا مباركا.
وقوي تعلقه بالأمل في الاهتداء إلى موضعها، حتى صار مشغلة تفكيره ليل نهار. وخايلته الرؤى في منامه، تبشره بتحقيق أمله، وتوجه خطاه نحو موضع بعينه، بين وثني (أساف ونائلة).
وغدا ذات صباح بمعوله إلى الموضع الذي وجهته إليه رؤياه، ومعه ابنه (الحارث) ليس له يومئذ ولد غيره. فلما هم بالحفر تصدت له قريش تأبى أن يحفر بين وثنيها، وتعجب لجرأته عليها وليس له غير ولد واحد.
يومها، نذر عبد المطلب: لئن ولد له عشرة أبناء ثم بلغوا معه بحيث يمنعونه، لينحرن أحدهم عند الكعبة قربانا.
وتوافى بنوه عشرة، وكان أصغرهم (عبد الله) فتلبث أبوهم زمانا حتى بلغوا، ودعاهم إلى الوفاء بنذره، وخرج بهم إلى الكعبة وقد حمل كل منهم قدحا عليه اسمه. وقدموها إلى صاحب القداح هناك، وأبوهم ينقل بصره بينهم، فتستقر نظراته لحظة على أصغرهم (عبد الله) فيفيض قلبه رقة ورحمة، ويتمنى أن يخطئه السهم.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست