مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٢٣٣
لكن الاسلام بتقريره حرية العقيدة وعدم الاكراه في الدين، أصلا من أصول دعوته، استصفى من قريش والموالي بمكة وسابقي الأنصار، الجنود الأولين لحزب الله: لم ينتظروا حتى يحسبوا حسابا لمكسب أو خسارة، بل استجابوا لداعي الاسلام بمحض إرادتهم، عن اعتقاد راسخ وضمير حر، فما عادوا بحيث يخشون فيه لومة لائم، أو يبالون الموت في سبيل ما آمنوا أنه الحق من ربهم.
وزودهم إيمانهم الصادق بطاقة فذة، نفذ أثرها إلى صميم الجبهة القرشية، فكان منها المدد المتصل المتتابع، لكتيبة المؤمنين.
وتصدع بنيان الوثنية من قبل أن تلقى الاسلام في الصدام المسلح الذي فرضته طبيعة الموقف، وقد أذن للمسلمين في القتال إقرارا لمبدأ حرية العقيدة، وغضبا لحرمات الله، ودفعا لما سيموا من أذى واضطهاد.
وقررت كذلك مصيره: ينتصر الحق على الباطل فيزهقه، وينسخ النور الظلام فتنجلي غواشي الوثنية عن أم القرى والبيت العتيق.
على ساحة (بدر) كانت أولى جولات هذا الصدام، وموقعة بدر لم تأت فجأة، بل سبقتها نذر تراكمت على الأفق ما بين دار المبعث ودار الهجرة، معلنة عن حتمية الحرب بين الاسلام والوثنية، إذ ليس من طبيعة الأشياء أن يتهادن حق وباطل.
وقد أذن للمسلمين في القتال، بعد طول صبر واحتمال.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست