النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٧٤
فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف مأخذها فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته أما والله إنه ليمنعني من اللعب ذكر الموت وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة إنه لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه آتية ويرضخ له على ترك الدين رضيخة (انتهى) وقد أشار الإمام علي عليه السلام بقوله يمنح القوم سبته إلى مكيدة عمرو بكشف عورته فرارا من القتل فقد ذكر المدائني وابن الكلبي وغيرهما من أهل السير أن عليا كرم الله وجهه حمل على عمرو في بعض أيام صفين فلما تصور أنه قاتله ألقى بنفسه عن فرسه وكشف سوءته مواجها له عليه السلام فلما رأى ذلك منه غض بصره عنه وانصرف عمرو مكشوف العورة ونجا بذلك فصار مثلا لمن يدفع عن نفسه مكروها بارتكاب المذلة والعار وفيه يقول أبو فراس الفرزدق.
ولا خير في رد الردى بمذلة * كما ردها يوما بسوءته عمرو وروى مثل ذلك قصة بسر بن أرطأة معه كرم الله وجهه فإنه حمل على بسر فسقط بسر على قفاه ورفع رجليه فانكشف عورته فصرف علي عليه السلام وجهه عنه فلما قام سقطت البيضة عن رأسه فصاح أصحابه يا أمير المؤمنين إنه بسر بن أرطأة فقال ذروه لعنه الله فلقد كان معاوية أولى بذلك منه فضحك معاوية وقال: لا عليك يا بسر ارفع طرفك ولا تستحي فلك بعمرو أسوة وقد أراك الله منه ما أراه منك فصاح فتى من أهل الشام أما تستحيون لقد علمكم عمرو كشف الاستاه ثم أنشد:
أفي كل يوم فارس ذو كريهة * له عورة وسط العجاجة باديه يكف لها عنه علي سنانه * ويضحك منها في الخلاء معاوية بدأت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذيه فقولا لعمرو وابن أرطأة أبصرا * سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية ولا تحمدا إلا الحيا وخصا كما * هما كانتا والله للنفس واقيه
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»