السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٢١
هل تجد فيها أن الله يبعض الحبر السمين فأنت الحبر السمين قد سمنت من مالك الذي تطعمك اليهود فضحك القوم فغضب والتفت إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال ما أنزل الله على بشر من شيء فقالت له اليهود ما هذا الذي بلغنا عنك فقال إنه أغضبني فنزعوه من الرياسة وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف أي لأن في قوله المذكور طعنا في التوراة وقيل إن يهود المدينة من بني قريظة وبني النضير وغيرهم كانوا إذا قاتلوا من بينهم من مشركي العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يقولون اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي الذي وعدت أنك وعدت باعثه في آخره الزمان إلا نصرتنا عليهم وفي لفظ قالوا اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة فينصرون ولفظ يقولون اللهم ابعث النبي الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم وفي لفظ أن يهود خيبر كانت تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فدعت يوما اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فيهزمون غطفان وصار اليهود يسألونه صلى الله عليه وسلم عنأشياء ليلبسوا الحق بالباطل أي ومن جملة ما سألوه صلى الله عليه وسلم عن الروح فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث المدينة يتوكأ على عسيب أي جريدة من جريد النخل إذ مر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض لا تسألوه لئلا يسمعكم ما تكرهون وفي رواية لئلا يستقبلكم بشيء تكرهونه أي يجيبكم بما هو دليل عندكم على أنه النبي الأمي وأنتم تنكرون نبوته فقاموا إليه فقالوا يا محمد وفي رواية يا أبا القاسم ما الروح وفي رواية أخبرنا عن الروح فسكت قال ابن مسعود فظننت أنه صلى الله عليه وسلم يوحى إليه فقال * (ويسألونك عن الروح) * أي التي يكون بها الحيوان حيا * (قل الروح من أمر ربي) * فقالوا هكذا نجد في كتابنا أي التوراة وقد تقدم الكلام على ذلك عند الكلام على فترة الوحي قال صاحب الإفصاح إنه إنما سأل اليهود عن الروح تعجيزا وتغليطا لأن الروح تطلق بالاشتراك على الروح للإنسان وعلى القرآن وعلى عيسى وعلى جبريل وعلى ملك آخر وعلى صنف من الملائكة فقصد اليهود أنه بأي شيء أجابهم به قالوا
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»