السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
حتى أستامرهم فاستأمرهم فقالوا جئ به فذهبت معه فانتهيت إليهم فإذا هم ستة أو سبعة وكأن الروح قد خرجت منهم من العبادة يصومون النهار ويقومون الليل يأكلون الشجر وما وجدوا فصعدنا إليهم فحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء حتى خلصوا إلى عيسى ابن مريم قالوا ولد بغير ذكر وبعثه الله رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموت وخلق الطير وإبراء الأعمى والأبرص فكفر به قوم وتبعه قوم ثم قالوا يا غلام إن لك ربا وإن لك معادا وإن بين ذلك جنة ونارا لهما تصير وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى الله بما يصنعون وليسوا على دين ثم انصرفنا ثم عدنا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن فلزمتهم ثم اطلع عليهم الملك فأمرهم بالخروج من بلاده فقلت ما أنا بمفارقكم فخرجت معهم حتى قدمنا الموصل فلما دخلوا حفوا بهم ثم أتاهم رجل من كهف جبل فسلم وجلس فحفوا به فقال لهم أين كنتم فأخبروه فقال ما هذا الغلام معكم فأثنوا علي خيرا وأخبروه بإتباعي إياهم ولم أر مثل إعظامهم له فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر من أرسله الله من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع بهم حتى ذكر عيسى بن مريم ثم وعظهم وقال اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى ولا تخالفوا يخالف بكم ثم أراد أن يقوم فقلت ما أنا بمفارقك فقال يا غلام إنك لا تستطيع أن تكون معي إني لا أخرج من كهفي هذا إلا كل يوم أحد قلت ما أنا بمفارقك فتبعته حتى دخل الكهف فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد الآخر فلما أصبحنا خرجنا واجتمعوا إليه فتكلم نحو المرة الأولى ثم رجع إلى كهفه ورجعت معه فلبثت ما شاء الله أن يخرج في كل يوم أحد ويخرجون إليه ويعظهم ويوصيهم فخرج في أحد فقال مثل ما كان يقول ثم قال يا هؤلاء إني قد كبر سني ورق عظمي وقرب أجلي وإني لا عهد لي بهذا البيت يعني بيت المقدس منذ كذا وكذا سنة فلا بد لي من إتيانه فقلت ما أنا بمفارقك فخرج وخرجت معه حتى أتيت إلى بيت المقدس فدخل وجعل يصلى وكان فيما يقول لي يا سلمان إن الله سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج من جبال تهامة علامته أن يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب فأما أنا فشيخ كبير لا أحسبني أدركه فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه فقلت وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه قال وإن أمرك ثم خرج من بيت المقدس وعلى بابه مقعد فقال له ناولني
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»