سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٣ - الصفحة ١٣٠
المناجاة تفرقوا على هارون وتحزبوا عليه وداروا حول قتله ونقضوا العهد وأخلفوا الموعد واستضعفوا جانبه كما حكى الله تعالى ذلك عنهم وكانت الجناية العظمى التي صدرت منهم عبادة العجل فلم يقبل الله تعالى منهم التوبة إلا بالقتل فقتل في ساعة واحدة سبعون ألفا كان نظير ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم ما لقيه في السنة الخامسة من الهجرة من يهود قريظة والنضير وقينقاع، فإنهم نقضوا العهد وحزبوا الأحزاب وجمعوها وحشدوا وحشروا وأظهروا عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله. وذهب إليهم قبل الوقعة بزمن يسير يستعينهم في دية قتيلين فأظهروا إكرامه وأجلسوه تحت جدار ثم تواعدوا أن يلقوا عليه رحى، فنزل جبريل فأخبره بمكرهم الذي هموا به. فمن حينئذ عزم على حربهم وقتلهم، وفعل الله تعالى ذلك، وقتل قريظة بتحكيمهم سعد بن معاذ، فقتلوا شر قتلة وحاق المكر السئ بأهله. ونظير استضعاف اليهود لهارون استضعافهم المسلمين في غزوة الخندق كما سيأتي بشط ذلك.
ولقاؤه في السماء السادسة لموسى يؤذن بحالة تشبه حالة موسى حين أمر بغزو الشام، فظهر على الجبابرة الذين كانوا فيها وأدخل بني إسرائيل البلد الذي خرجوا منه بعد إهلاك عدوهم، وكذلك غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك من أرض الشام وظهر على صاحب دومة حتى صالحه على الجزية بعد أن أتي به أسيرا، وافتتح مكة ودخل أصحابه البلد الذي خرجوا منه.
وقال ابن دحية: (يؤذن لقاؤه في السادسة بمعالجة قومه فإن موسى ابتلي بمعالجة بني إسرائيل والصبر على أذاهم، وما عالجه المصطفى في السنة السادسة لم يعالج قبله ولا بعده مثله، ففي هذه السنة افتتح خيبر وفدك وجميع حصون اليهود وكتب الله عليهم الجلاء وضربهم بسوط البلاء وعالج النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة كما عالج موسى من قومه، أراد أن يقيم الشريعة في الأرض المقدسة وحمل قومه على ذلك فتقاعدوا عنه وقالوا: إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها أبدا حتى يخرجوا منها. وفي الاخر سجلوا بالقنوط فقالوا: إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها، فغضب الله عليهم وحال بينهم وبينها، وأوقعهم في التيه. وكذلك أراد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة أن يدخل بمن معه مكة يقيم بها شريعة الله وسنة إبراهيم، فصدوه فلم يدخلها في هذا العام، فكان لقاؤه لموسى تنبيها على التأسي به وجميل الأثر في السنة القابلة.
ثم لقاؤه في السماء السابعة لإبراهيم عليه السلام لحكمتين: إحداهما أنه رآه عند البيت المعمور مسندا ظهره إليه. والبيت المعمور حيال الكعبة وإليه تحج الملائكة، كما أن إبراهيم هو الذي بنى الكعبة وأذن في الناس بالحج إليها والحكمة الثانية أن آخر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم حجه إلى البيت الحرام وحج معه في ذلك العام نحو من سبعين ألفا (من المسلمين). ورؤية إبراهيم عند أهل التأويل تؤذن بالحج لأنه الداعي إليه والرافع لقواعد (الكعبة المحجوجة).
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماع أبواب معراجه صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في بعض فوائد قوله تعالى (سبحان الذي أسرى...) 4
2 الباب الثاني: في تفسير أول سورة النجم 22
3 الباب الثالث: في اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج 55
4 الباب الرابع: في أي زمان ومكان وقع الإسراء 64
5 الباب الخامس: في كيفية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تكرر أم لا 67
6 الباب السادس: في دفع شبهة أهل الزيغ في استحالة المعراج 74
7 الباب الثامن: في سياق القصة 79
8 الباب التاسع: في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج 96
9 الباب العاشر: في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وكيف فرضت الصلاة 177
10 جماع أبواب بدء إسلام الأنصار الباب الأول: في نسبهم 181
11 الباب الثاني: في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم 183
12 الباب الثالث: في بدء إسلامهم رضي الله عنهم 189
13 الباب الرابع: في ذكر يوم بعاث 192
14 الباب الخامس: في بيعة العقبة الأولى 194
15 الباب السادس: في بيعة العقبة الثانية 197
16 الباب السابع: في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير 198
17 الباب الثامن: في بيعة العقبة الثالثة 201
18 الباب التاسع: في إسلام عمر بن الجموع 222
19 جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة الباب الأول: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة 224
20 الباب الثاني: في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريم وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا 231
21 الباب الثالث: في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها 236
22 الباب الرابع: في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الآيات 238
23 الباب الخامس: في تلقي أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء وتأسيس مسجد قباء 266
24 الباب السادس: في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وما آلت إليه 271
25 جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة الباب الأول: في بدء شأنها 281
26 الباب الثاني: في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم 286
27 الباب الثالث: في النهي عن تسميتها يثرب 296
28 الباب الرابع: في محبته صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها ولأهلها 297
29 الباب الخامس: في عصمتها من الدجال والطاعون ببركته 303
30 الباب السادس: في الحث على الإقامة والموت بها والصبر علي لأوائها ونفيها الخبث والذنوب واتخاذ الأصول بها والنهي عن هدم بنيانها 306
31 الباب السابع: في وعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا 312
32 الباب الثامن: في تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها 315
33 الباب التاسع: في تحريمها 318
34 الباب العاشر: في ذكر بعض خصائصها 320
35 جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة الباب الأول: في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف 331
36 الباب الثاني: في بناء مسجده الأعظم وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 335
37 الباب الثالث: في بنائه صلى الله عليه وسلم حجر نسائه رضي الله عنهن 348
38 الباب الرابع: في بدء الأذان وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 351
39 الباب الخامس: في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم 363
40 الباب السادس: في قصة تحويل القبلة 370
41 جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والمنافقين الباب الأول: في أخذ سبحانه وتعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم واعتراف جماعة منهم بنبوته ثم كفر كثير منهم بغيا وعنادا 376
42 الباب الثاني: في إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث بن أبي يوسف 379
43 الباب الثالث: في موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك 382
44 الباب الرافع: في سؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح 385
45 الباب الخامس: في تحيرهم في مدة مكث هذه الأمة لما سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور 391
46 الباب السادس: في سبب نزول سورة الإخلاص 396
47 الباب السابع: في إرادة شأس بن قيس إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج 398
48 الباب الثامن: في سبب نزول قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) 400
49 الباب التاسع: في سؤالهم عن أشياء لا يعرفها إلا نبي وجوابه لهم 402
50 الباب العاشر: في رجوعهم إليه صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني 406
51 الباب الحادي عشر: في سؤاله لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين 409
52 الباب الثاني عشر: في سحرهم إياه صلى الله عليه وسلم 410
53 الباب الثالث عشر: في معرفة بعض طغاة المنافقين 416