سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
وظاهر قوله في رواية آدم: (تعرض عليه أرواح ذريته) إلى آخره أن أرواح بني آدم من أهل الجنة والنار في السماء. قال القاضي: (وهو مشكل، فقد جاء أن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة وأن أرواح الكفار في سجين، فكيف تكون مجتمعة في السماء؟ وأجاب بأنه يحتمل أنها تعرض أوقاتا فصادف وقت عرضها مرور النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل على أن ك ونهم في النار في أوقات دون أوقات قوله تعالى: (النار، يعرضون عليها غدوا وعشيا)، (غافر: 3) واعترض بأن أرواح الكفار لا تفتح لهم أبواب السماء كما هو نص القرآن)، والجواب ما أبداه القاضي احتمالا أن الجنة كانت في جهة يمين آدم والنار كانت في جهة شماله وكان يكشف له عنهما.
وقال الحافظ: (ويحتمل أن النسم المرئية هي التي لم تدخل الأجساد بعد وهي مخلوقة قبل الأجساد ومستقرها عن يمين آدم وشماله، وقد أعلم بما سيصيرون إليه فلذلك كان يستبشر إذا نظر إلى من على يمينه ويحزم إذا نظر إلى من على يساره، بخلاف التي في الأجساد فليست مرادة قطعا وبخلاف التي نقلت من الأجساد إلى مستقرها من الجنة أو النار فليست مرادة أيضا فيما يظهر، وبهذا يندفع الايراد، ويعرف أن قوله: (نسم بنيه) عام مخصوص أو أريد به الخصوص). انتهى.
وقال في الفتح في باب المعراج: (وظهر لي الان احتمال آخر وهو أن يكون المراد من (خرجت من الأجساد لا أنها مستقرة ولا يلزم من رؤية آدم لها وهو في السماء الدنيا أن تفتح لها أبواب السماء ولا أن تلجها، ويؤيد هذا ما رواه ابن إسحاق: فإذا أنا بآدم تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين. وفي حديث أبي هريرة: فإذا عن يمينه باب بخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة، فهذا لو صح لكان المصير إليه أولى من جميع ما تقدم ولكن سنده ضعيف وظاهرها عدم اللزوم المتقدم) انتهى.
وقال السهيلي: (فإن قيل كيف رأى عن يمينه أصحاب اليمين؟ ولم يكن إذا ذاك منهم إلا نفر قليل، ولعله لم يكن مات تلك الليلة منهم أحد، وظاهر الحديث يقتضي أنهم كانوا جماعة، والجواب أن يقال: إن كان الاسراء رؤيا بقلبه فتأويلها أن ذلك سيكون وإن كانت رؤيا عين فمعناها أن أرواح المؤمنين رآها هنالك لان الله يتوفى الخلق في منامهم كما قال في التنزيل (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) (الزمر: 42) (فصعد بالأرواح إلى هنالك ثم أعيدت إلى أجسادها).
وقال ابن دحية: (فإن قيل: كيف تكون نسم السعداء كلهم في السماء، وقد كان حين الاسراء جماعة من الصحابة رضي الله عنهم في الأرض وهم من السعداء؟ فالجواب: أن آدم
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماع أبواب معراجه صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في بعض فوائد قوله تعالى (سبحان الذي أسرى...) 4
2 الباب الثاني: في تفسير أول سورة النجم 22
3 الباب الثالث: في اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج 55
4 الباب الرابع: في أي زمان ومكان وقع الإسراء 64
5 الباب الخامس: في كيفية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تكرر أم لا 67
6 الباب السادس: في دفع شبهة أهل الزيغ في استحالة المعراج 74
7 الباب الثامن: في سياق القصة 79
8 الباب التاسع: في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج 96
9 الباب العاشر: في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وكيف فرضت الصلاة 177
10 جماع أبواب بدء إسلام الأنصار الباب الأول: في نسبهم 181
11 الباب الثاني: في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم 183
12 الباب الثالث: في بدء إسلامهم رضي الله عنهم 189
13 الباب الرابع: في ذكر يوم بعاث 192
14 الباب الخامس: في بيعة العقبة الأولى 194
15 الباب السادس: في بيعة العقبة الثانية 197
16 الباب السابع: في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير 198
17 الباب الثامن: في بيعة العقبة الثالثة 201
18 الباب التاسع: في إسلام عمر بن الجموع 222
19 جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة الباب الأول: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة 224
20 الباب الثاني: في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريم وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا 231
21 الباب الثالث: في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها 236
22 الباب الرابع: في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الآيات 238
23 الباب الخامس: في تلقي أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء وتأسيس مسجد قباء 266
24 الباب السادس: في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وما آلت إليه 271
25 جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة الباب الأول: في بدء شأنها 281
26 الباب الثاني: في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم 286
27 الباب الثالث: في النهي عن تسميتها يثرب 296
28 الباب الرابع: في محبته صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها ولأهلها 297
29 الباب الخامس: في عصمتها من الدجال والطاعون ببركته 303
30 الباب السادس: في الحث على الإقامة والموت بها والصبر علي لأوائها ونفيها الخبث والذنوب واتخاذ الأصول بها والنهي عن هدم بنيانها 306
31 الباب السابع: في وعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا 312
32 الباب الثامن: في تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها 315
33 الباب التاسع: في تحريمها 318
34 الباب العاشر: في ذكر بعض خصائصها 320
35 جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة الباب الأول: في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف 331
36 الباب الثاني: في بناء مسجده الأعظم وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 335
37 الباب الثالث: في بنائه صلى الله عليه وسلم حجر نسائه رضي الله عنهن 348
38 الباب الرابع: في بدء الأذان وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 351
39 الباب الخامس: في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم 363
40 الباب السادس: في قصة تحويل القبلة 370
41 جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والمنافقين الباب الأول: في أخذ سبحانه وتعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم واعتراف جماعة منهم بنبوته ثم كفر كثير منهم بغيا وعنادا 376
42 الباب الثاني: في إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث بن أبي يوسف 379
43 الباب الثالث: في موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك 382
44 الباب الرافع: في سؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح 385
45 الباب الخامس: في تحيرهم في مدة مكث هذه الأمة لما سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور 391
46 الباب السادس: في سبب نزول سورة الإخلاص 396
47 الباب السابع: في إرادة شأس بن قيس إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج 398
48 الباب الثامن: في سبب نزول قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) 400
49 الباب التاسع: في سؤالهم عن أشياء لا يعرفها إلا نبي وجوابه لهم 402
50 الباب العاشر: في رجوعهم إليه صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني 406
51 الباب الحادي عشر: في سؤاله لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين 409
52 الباب الثاني عشر: في سحرهم إياه صلى الله عليه وسلم 410
53 الباب الثالث عشر: في معرفة بعض طغاة المنافقين 416