جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) - ابن الدمشقي - ج ٢ - الصفحة ١١٠
ويقال: إنه حمل على راحلته فلا يدرى أين ذهبت (به) (1).
وحكى الخطيب (2) أن الحسن والحسين حولاه ونقلاه إلى المدينة فدفناه عند فاطمة رضي الله عنهما.

(١) والظاهر أن هذا موجز ما أورده الخطيب في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ بغداد: ج ١، ص ١٣٧.
(٢) ذكره الخطيب في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج ١ ص ١٣٧ - ١٣٨ ومما يؤيد ما هو المتفق عليه بين أهل البيت وشيعتهم عليهم السلام هو ما رواه ابن أبي الدنيا - المتوفى عام: (٢٨١) - في عنوان: " موضع دفن علي رحمة الله عليه " تحت الرقم: (٦٨) من مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ص ٧٩ ط ١، قال:
حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، قال: قال لي أبو بكر بن عياش: سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم فقلت: (هل) أخبركم أحد أنه صلى على علي أو شهد دفنه؟ قالوا: لا. فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة.
قال (أبو بكر ابن عياش): فقلت لأبيك: لم فعل به ذلك؟ قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم.
والحديث رواه ابن عساكر تحت الرقم: (١٤٣٨) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج ٣ ص ٣٧٦ وقد علقنا شواهد عليه وعلى كتاب المقتل فليراجع.
وأما ما ذكره الباعوني من أن دفن أمير المؤمنين عليه السلام في مدفنه كان لأجل الخوف من أن ينبشه الخوارج، ففيه أن الخوف لم يكن مقصورا على الخوارج، فكان ينبغي له أن يقول: خوفا من أن ينبشه الخوارج والنواصب، أو يقول خوفا من أن ينبشه أعداؤه أو نحو ذلك، بل بملاحظة إخبار أمير المؤمنين المقطوع الصدور عنه عليه السلام من سلطة بني أمية - على الكوفة وعلى جميع الأقطار الاسلامية - كان ينبغي للمصنف أن يقول: " خوفا من أن ينبشه بنو أمية وعمالهم ".
وهذا الوجه الأخير دليل على أنه عليه السلام لم يدفن في دار الامارة إذ من المستحيل من العقلاء ممن يعرف أن دار الامارة ستصير مركزا للملاحظة من أعدائه من عمال بني أمية أن لا يعهد إلى أوليائه بعدم دفنه فيها!!!
وإليك أيها القارئ بعض الشواهد من كتاب موالي بني أمية على أن الخوف من بني أمية وعمالهم لم يكن أقل من الخوف من الخوارج:
روى البلاذري في آخر ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الأشراف: ج ٢ ص ٥٠٩ قال:
وحدثني (عباس بن) هشام، عن أبيه عن عوانة عن عبد الملك بن عمير أن الحجاج بن يوسف عمل في القصر بالكوفة عملا فوجد (عماله) شيخا أبيض الرأس واللحية مدفونا (فأخبروه) فقال: أبو تراب والله. وأراد أن يصلبه، فكلمه عنبسة بن سعيد في ذلك وسأله أن لا يفعل: فأمسك.
ورواه أيضا ابن أبي الدنيا، بسنده عن الشعبي في الحديث (٧٣) من مقتل أمير المؤمنين قال:
حدثني الحارث بن محمد التميمي حدثنا داود بن المحبر، حدثنا المحبر بن قحذم، عن مجالد بن سعيد: عن الشعبي قال: أمر الحجاج بن يوسف ببناء القبة التي بين يدي المسجد بالكوفة فلما حفروا أساسها هجموا على جسد طري فإذا به ضربة على رأسه طرية، فلما نظروا إليه قالوا: هذا علي بن أبي طالب: فأخبر الحجاج بذلك، فقال: من يخبرني عن هذا؟ فجاءه عدة من مشيخة الكوفة، فلما نظروا إليه قالوا: هذا علي بن أبي طالب، فقال الحجاج: أبو تراب لأصلبنه!!
فقال له ابن أم الحكم: أذكرك الله أيها الأمير أن تلقي هذه الثائرة بيننا وبين إخواننا من بني هاشم، فقال له الحجاج: فما تخشى؟ أتخشى أن يؤتى جسدك بعد موتك فيستخرج؟ مرهم أن يدفنوك حيث لا يعلم بك.
فقال له ابن أم الحكم: والله ما أبالي إذا أتي جسدي فأستخرج جسدي كان أم جسد غيري إذا قيل: هذا جسد فلان؟!
فأمر الحجاج بحفائر حفرت من النهار، ثم أمر بجسد علي فحمل على بعير وأطرافه تنشل فخرج به ليلا فدفن في ناحية أخرى حيث لا يعلم به.
وروى خطيب آل أمية بسنده عن عبد الملك بن عمير من رجال صحاح الست الأموية في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج ١ ص ١٣٧، قال:
أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: أنبأنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال: نبأنا أبو زيد بن طريف، قال: نبأنا إسماعيل بن موسى قال: نبأنا أبو المحياة:
عن عبد الملك بن عمير، قال: لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار يزيد ابنه استخرجوا شيخا مدفونا أبيض الرأس واللحية فقال: أتحب أن أريك علي بن أبي طالب؟ فكشف لي فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالأمس طري - وزاد في الحديث إسماعيل بن بهرام -: فقال: يا غلام علي بحطب ونار!!!
فقال الهيثم بن العريان: أصلح الله الأمير ليس يريد القوم منك هذا كله. فقال (خالد): يا غلام علي بقباطي. (فجئ بها) فلفه فيها وحنطه وتركه مكانه.
وانظر ما يأتي عن المصنف - بروايته عن خطيب آل أمية - في آخر هذا الباب.
ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة ما فعله يوسف بن عمر عامل بني أمية ببدن زيد الشهيد وأصحابه من كتاب أنساب الأشراف: ج 3 ص 251 وما حولها، ط 1.
أو يراجع إلى ما فعله شقيق بني أمية المتوكل على الشيطان العباسي بمدفن سيد الشهداء ريحانة رسول الله الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 112 113 114 115 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الواحد والخمسون في خلافته عليه السلام، وما اتفق فيها، وصورة ما وقع 5
2 الباب الثاني والخمسون في نكث طلحة والزبير بيعته عليه السلام 7
3 الباب الثالث والخمسون في ذكر وقعة الجمل 9
4 مقتل طلحة 17
5 مقتل الزبير 20
6 ما قيل في أهل الجمل 27
7 الباب الرابع والخمسون في ذكر حوادث أيام صفين، وما اتفق فيها من الوقائع والمحن 35
8 ذكر مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه 40
9 خبر عمرو بن العاص مع معاوية 46
10 الباب الخامس والخمسون فيما كان من تحكيم الحكمين 49
11 مقتل مالك بن الحارث الأشتر رضي الله عنه 57
12 الباب السادس والخمسون في خروج الخوارج عليه واحتجاجهم عليه، وما أنكروه من التحكيم 67
13 الباب السابع والخمسون في خروج عبد الله بن عباس رضي الله عنه من البصرة مغاضبا لعلي عليه السلام 79
14 الباب الثامن والخمسون في مقتل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكر قاتله ابن ملجم لعنه الله 85
15 الباب التاسع والخمسون في ذكر وصيته عليه السلام الأخيرة على الاختصار 101
16 الباب الستون في غسله، وكفنه، والصلاة عليه، ودفنه، وإحفاء قبره عليه السلام 109
17 الباب الستون في أسمائه عليه السلام 117
18 الباب الواحد والستون في في ذكر أزواجه، وأسمائهن، وما ولدن له عليه السلام 121
19 الباب الثاني والستون في في ذكر عماله، وحاجبه عليه السلام 125
20 الباب الثالث والستون في عدله عليه السلام في أحكامه، وقوته في الله، وإنصافه 127
21 الباب الرابع والستون في جوده وكرمه عليه السلام 129
22 الباب الخامس والستون في ذكر شئ من شعره عليه السلام 131
23 الباب السادس والستون في فيما يروى عنه عليه السلام من الكلمات المنثورة المأثورة، والوصايا الجامعة، والمواعظ النافعة 139
24 الباب السابع والستون في في تبرئ علي عليه السلام من دم عثمان، وبطلان ما نسبه إليه بنو أمية من ذلك 171
25 الباب الثامن والستون في خلافة سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام 195
26 الباب التاسع والستون في تاريخ مولده عليه السلام، ووفاته، وشبهه بجده صلى الله عليه وآله 205
27 الباب السبعون فيما وقع بين الحسن عليه السلام وبين معاوية حين نال من علي عليه السلام بحضوره 215
28 الباب الحادي والسبعون فيما وقع بين الحسن عليه السلام وبين معاوية وأصحابه، وما أفحمهم به من الجواب 217
29 الباب الثاني والسبعون فيما اعتقده معاوية وسنه من لعن علي عليه السلام على المنابر، وكتابته بذلك إلى الآفاق، وما قال في ذلك وقيل له 227
30 الباب الثاني والسبعون في ذكر الوافدات على معاوية بعد قتل علي عليه السلام، وما خاطبوه به، وما أسمعوه 233
31 وفود بكارة الهلالية على معاوية 235
32 وفود أم سنان بنت خيثمة بن حرشة المذحجية على معاوية 237
33 وفود عكرشة بنت الأطروش على معاوية 240
34 قصة دارمية الحجونية مع معاوية 242
35 وفود أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية على معاوية 244
36 وفود أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية 249
37 وفود سودة بنت عمارة بن الأسك الهمدانية اليمانية على معاوية 251
38 وفود أم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية 256
39 قصة الذكوانية بنت زياد لما قدمت على معاوية متظلمة 259
40 خطبة معاوية بن يزيد بن معاوية 261
41 الباب الخامس والسبعون في مقتل سيدنا وابن سيدنا الحسين بن بنت رسول الله نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما اعتمد آل أبي سفيان في أمره 263
42 تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام وأهل بيته ومن أسر منهم 277
43 خطبة الإمام الحسين عليه السلام واحتجاجه على جيش ابن زياد 285
44 فصل في بعض ما رثي به الحسين عليه السلام، وما قيل فيه 305
45 فصل في ذكر شئ من شعره عليه السلام ونظمه ونثره وكلامه وحكمه 315
46 الباب السادس والسبعون في عداوة بني أمية وبني عبد شمس لعلي بن أبي طالب عليه السلام، والأسباب الموجبة لذلك، وانحراف الناس عنه، وميلهم عنه 319