فأما محض البنوة فلا يلي بها عقد النكاح عند الشافعي وحده، وخالفه الثلاثة:
أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله. ولبسط هذا موضع آخر يذكر فيه، وهو كتاب النكاح من الاحكام الكبير. إن شاء الله.
* * * قال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا ليث، يعنى ابن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أم سلمة قالت: أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به، قال: " لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا فعل به ". قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه.
فلما توفى أبو سلمة استرجعت وقلت: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أين لي خير من أبى سلمة؟
فلما انقضت عدتي استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي، فغسلت يدي من القرظ وأذنت له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله ما بي أن لا تكون بك الرغبة، ولكني امرأة بي غيرة شديدة، فأخاف أن ترى منى شيئا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن وأنا ذات عيال.
فقال: أما ما ذكرت من الغيرة فسيذهبها الله عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي. فقالت: فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت أم سلمة: فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه، رسول الله صلى الله عليه وسلم.