يا أمير المؤمنين بها على الصداق المذكور؟ قال: نعم قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ قال أبو جعفر: قد قبلت ذلك ورضيت به.
ثم أولم عليه المأمون، وجلس الناس على مراتبهم، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين، وإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة مملؤة غالية فخضبوا بها لحى الخاصة ثم مدوها إلى دار العامة فطيبوهم. فلما تفرق الناس قال المأمون: يا أبا جعفر إن رأيت أن تبين ما الفقه في ما فصلته من وجوه قتل المحرم للصيد لنعلمه ونستفيده.
فقال أبو جعفر: نعم إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن كان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبيا فعليه شاة، فإن قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة.
فإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه للحج نحره بمنى، وإن كان إحرامه للعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد له المأثم وهو موضوع عنه في الخطاء، والكفارة على الحر في نفسه، وعلى العبد في سيده، والصغير لا كفارة عليه، وهي على الكبير واجبة، والنادم يسقط عنه بندمه عقاب الآخرة، والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة. فقال له المأمون:
أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله إليك. ثم أقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟ قالوا: لا والله وأن أمير المؤمنين أعلم بما رأى (1).
فقال لهم: ويحكم أن أهل هذا البيت خصوا من دون الخلق بما ترون من