الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٥٠
ولما دنا عمار في كتيبته نظر إليها الزبير فقال: كتيبة من هذه؟ قالوا: كتيبة عمار.
فدعا الزبير فتى من الأزد يقال له الضحاك بن عدس على فرس له جواد فقال له: ادن من القوم فانظر هل ترى فيهم عمارا. فدنا الفتى ونادى: ألا كفوا فإني رسول. فكفوا عنه حتى دنا، فنظر إلى عمار ثم رجع. فقال: يا أبا عبد الله هذا عمار صاحب الفرس الأدهم قد استثبته. فقال له الزبير: هل رأيت بأنفه خرما؟ فعاد الفتى إليهم، وعرف عمارا أنه رسول، فهدر عن لثامه وحسر عن رأسه، فنظر الفتى إلى خرمه، ثم رجع إلى الزبير فأخبره، فأهوى الزبير إلى حقوه وجعل يقول:
وا جليل مصيبتاه، واقطع ظهراه، وا سوءتاه من الوقوف بين يدي الله عز وجل غدا.
فقال له الفتى: مالك يا أبا عبد الله؟ فقال: خير يا بن عم. فقلب الفتى ترسه وركض على فرسه حتى لحق بعلي (عليه السلام) فأخبره بذلك، ثم أنشأ يقول:
قال الزبير ولم أعلم بفتنته * لله درك هل في القوم عمار فانظر فدى لك نفسي هل ترى خرما * في الأنف منه وفي الحوباء إضمار فاعتمت جمعهم حتى وقعت به * ثم استبنت وللخيلين اعصار خرم بأنف أبي اليقظان فانكشفت * عنه الغمامة إذ مخ الفتى رار (1) لما رأيت الفتى أبدت ندامته * حولت ترسي وفي تركيه اعذار قالوا لبست بها عارا فقلت لهم * سيان ذا العار بعد الموت والنار وحمل مالك بن الحارث الأشتر، ثم تقدم عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنهما، وتقدم شريح بن هاني (رضي الله عنه) في بني الحارث بن كعب، وكان إذا قاتل قاتل بهم وبأهل نجران، فجعل يتقلب كالفحل المزبد وهو يرتجز ويقول:
قدما بني الحارث قدما لا شلل * لا عيش إلا ضرب أصحاب الجمل بالبيض والطعن بأطراف الأسل * إن التراخي في الوغى من الفشل والقول لا ينفع إلا بالعمل * والغزو لا ينفع إلا بالفعل خوضوا سريعا تدركوا عظم الأمل * مالكم بعد علي من بدل

(١) مخ رار: ذائب فاسد من الهزال (لسان العرب ٤ / 313).
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»