الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٦٧
ابن أبي طالب وقت نزول الوحي على النبي (عليه السلام) فيما بين اثنتي عشر سنة وبين ثلاث عشر سنة، وبلوغ الانسان في هذا السن ممكن، فعلمنا أن كون علي بالغا وقت نزول الوحي على النبي (عليه السلام) أمر ممكن، وإذا ثبت الإمكان وجب الحكم بوقوعه لما روي أن النبي (عليه السلام) قال لفاطمة: " زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما " (1) ولو قلنا إنه ما كان بالغا حال ما أسلم لم يصح هذا الكلام.
الوجه الثاني في الجواب عن هذا السؤال: هب أن عليا ما كان بالغا في ذلك الوقت لكن لا امتناع في وجود صبي كامل العقل قبل سن البلوغ، ولهذا المعنى حكم أبو حنيفة بصحة إسلام الصبي. وعلى هذا التقرير فصدور الاسلام عن علي وقت الصبا يدل على فضله من وجهين:
أحدهما: أن الغالب على طبع الصبيان الميل إلى الأبوين، وأن عليا خالف الأبوين وأسلم، فكان هذا من فضائله.
وثانيها: أن الغالب على الصبيان الميل إلى اللعب، فأما النظر والتفكر في دلائل التوحيد وإعراضه عن اللعب في زمان الصبا من أعظم الدلائل على فضله، فإنه كان في زمان صباه مساويا للعقلاء الكاملين.
قوله: " حصل للإسلام بسبب إسلام أبي بكر نوع من القوة ولم يحصل بسبب إسلام علي البتة شئ من القوة ".
قلنا: هذا الفرق انما يظهر لو ثبت أن أبا بكر كان محترما موقرا فيما بين الخلق قبل دخوله في الاسلام، وهذا ممنوع. وإذا كان كذلك لم يظهر الفرق الذي ذكرتم.
فثبت بما ذكرنا أن إسلام علي كان متقدما على إسلام أبي بكر.
وإذا ثبت هذا وجب أن يقال: إن عليا أفضل من أبي بكر لقوله تعالى:
* (السابقون السابقون * أولئك المقربون) * (2) ولقوله تعالى في مدح الأنبياء (عليهم السلام):
* (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) * (3).

(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»