الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٥٨
وإذا ثبت إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم بإرادة الله تعالى فلا يجوز ثبوت خلاف ذلك فيهم بإرادة غير الله تعالى، وبذلك أمنا وقوع الخطأ منهم عاجلا وآجلا.
وإذا أمنا وقوع الخطأ منهم وجب الاقتداء بهم دون من لم نأمن منه وقوع الخطأ وتطرق الرجس عليه وترك التطهير له، ومن تؤمن وقوع الخطأ منه ثبت أنه يهدي إلى الحق لموضع تنزيه الله تعالى له وهدايته إياه، ومن كان كذلك كان أحق بالاتباع لموضع قول الله تعالى: * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * (1) فقد أوجب الله سبحانه وتعالى الاقتداء بمن يهدي إلى الحق، وليس ذلك إلا مع تطهيره له وإذهاب الرجس له، ووبخ من لم يحكم بذلك، فصار ذلك حكم الله سبحانه وتعالى، ومن لم يحكم به كان من أهل هذه الآية: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * (2).
وبيت تقاصر عنه البيوت * طال علوا على الفرقد تحوم الملائك من حوله * ويصبح للوحي دار الندي وقال الفخر الرازي في كتاب الأربعين: إن الاثني عشرية قد احتجوا على أن البيعة لا يمكن أن تكون سببا لحصول الإمامة بوجوه.
الشبهة الأولى: ان هؤلاء الذين يبايعون الإمام لا قدرة لهم البتة على التصرف في آحاد الأمة وفي أقل مهم من مهماتهم ومن لا قدرة له على التصرف في أقل الأمور لأقل الأشخاص، كيف يعقل أن يكون له قدرة على إقدار الغير على التصرف في جميع أهل الشرق والغرب؟!
الشبهة الثانية: ان إثبات الإمامة بالعقد والبيعة يفضي إلى الفتنة، لأن أهل كل بلد يقولون الإمام منا أولى والإمام الصادر منا أرجح، ولا يمكن ترجيح البعض على البعض، فيفضي إلى الهرج والمرج وإثارة الفتنة، ومعلوم أن المقصود من نصب الإمام إزالة الفتنة بقدر الإمكان، فنصب الإمام بطريق البيعة يفضي إلى التناقض، فكان باطلا.

(٢٥٨)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»