الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٣١
عجبت لأطواد الأخاشيب لم تمد * ولا أصبحت غورا مياه الكوافر (1) وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل وللشهب لم تقذف بأشأم طائر (2) أما كان في رزء ابن فاطم مقتض * هبوط رواس أو كسوف زواهر (3) ولكنما غدر النفوس سجية * لها وعزيز صاحب غير غادر (4)

1 الأطواد الجبال والأخاشيب المخشبة العظيمة منها.
وتمد تضطرب أصلها تميد أسكنت الدال للجزم والياء قيلها ساكنة فحذفت الياء لئلا يلتقي الساكنان وغورا أي غايرة وهو مصدر يوصف به فيقال ماء غوراء غاير ولهذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث. وغار الماء إذا نقص وجف وانتصف لأنه خبر مقدم لأصبحت ومياه جمع كثرة الماء وأصله موه بالتحريك لأن جمعه في القلة أمواه وتصغيره مويه. والكوافر جمع كافر وهو البحر والنهر الكبير أيضا.
2 يقال كسفت الشمس وكسفها الله يتعدى ولا يتعدى مصدر الأول السكوف ومصدر الثاني الكسف. والشهب النجوم. وتقذف ترمي، قوله بأشأم طاير إشارة إلى ما كانت العرب تعتمده من زجر الطير والتشاؤم والتيمن به فكانوا يسمون ما يأتي عن إيمانهم من الطير والوحش سانحا فأهل نجد يتيمنون به نظرا إلى إيمانهم ويتشاءمون بما يأتي عن شمائلهم ويسمونه بارحا وأهل الحجاز بالضد من ذلك يتيمنون بما يأتي عن شمائلهم لأنه يوليهم ميامنه وكذا في اليمين فينظرون إلى يمين المار بهم وشماله، والمعنى أنه يتعجب كيف لم تخر هذه الكواكب شؤما على الناس لهذا الحادث الثقيل.
3 أما كان استفهام تعجب من هذه الأجرام الفلكية والأرضية كيف لم يحدث فيها أمارات الحزن ويظهر عليها آثار الجزع لهذه المصيبة الحادثة وفاطم يريد بها فاطمة وحذف الهاء تخفيفا والرواسي الجبال الثوابت.
4 السجية الطبيعة وأسند الغدر هنا إلى النفوس العاقلة لأنه أراد العموم وإذا كان الغدر طبيعة في العقلاء فالجمادات أولى بذلك ونسبة الغدر إلى الجمادات مجاز وهو حقيقة في العقلاء ونسب الجميع إلى الغدر حيث لم يقع منهم ما ذكره من آثار الحزن
(١٣١)
مفاتيح البحث: الحزن (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست