مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ١٨
في وقتي سكونها وحركتها، فأجرت أدوار الأقدار من أخطار الأسفار بعض أقضيتها فسلبته، وغيرته يد الاغتيال وجرعت النفس بفقده مرارة حسرتها، فلما أن لفتني الرأفة الرانية من الألطاف الإلهية بعنايتها، وأعرضت عن متاع الدنيا من جاهها ومالها وولايتها، رأى بعض الصالحين عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) فسأله مسائل تتعلق بالمعارف القدسية وربوبيتها فأجابه (عليه السلام) بكلمات فقال: يا أمير المؤمنين لم أحط علما بمعرفتها، فأحاله علي في أن أشرح ذلك له وافصل منه ما أجمله وأبين تفاصيل قوله وجمله، فلما حضر لدي وقص علي حقيقة الحوالة في جواب ما سأله، قابلت أمره (عليه السلام) بالامتثال وبادرت في الوقت والحال إلى استخراج الجواب عن ذلك السؤال، وبعد قيامي بواجب الحوالة وقضاياها وامتثال أمره المطاع باستخراج أجوبتها وشرح أسمائها، ألزمت نفسي تأليف هذا الكتاب قياما بحقه (عليه السلام)، إذ خصني باحسانه وجعلني أهلا لاستنابته إياي في شرح أشكال من العلم اللدني وتبيانه، وليكون خلفا عني ذلك الكتاب الذي غاله الدهر بيد عدوانه فشرعت في تصنيفه وجمعت همتي لتأليفه.
وسميته (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) (1) ونهجت جدد المطالب واستخرجت زبد المناقب بمحض المعقول والمنقول، فجاء جامعا للفضائل صادعا بالدلائل شارعا مناهج الوصول إلى السؤول، تكفيه منقبة تلقين المناقب وكونه بترتيب مراتب الأئمة الأطايب، قيد العيون والعقول، من قدر قدره قدمه و من خبر خبره خدمه وتلقى وجهه بالتقبيل والقبول، ولما أسرى القلب بعزمه لإدراك هذه المطالب، وأجرى قلم فكره الصائب في تأليف هذه المناقب ناجته نفسه المهتدية بالقول الثابت والنور الثاقب، بأن هذا التأليف الجامع لشتات هذه

1 - في نسخة " م ": منال الطالب في مناقب علي بن أبي طالب.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»