كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ٩٧
الحسين: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة (1)! فقال الحسين: اللهم!
حزه إلى النار، وأذقه حرها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة! قال: فلم يكن بأسرع أن شبث به الفرس فألقته في النار، فاحترق (2). قال: فخر الحسين لله ساجدا مطيعا، ثم رفع رأسه وقال: يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها! قال: ثم رفع الحسين صوته ونادى: اللهم! إنا أهل نبيك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا، إنك سميع مجيب.
قال: وإذا المنادي ينادي من عسكر عمر: يا جند الله اركبوا (3)! قال: فركب الناس وساروا نحو معسكر الحسين، والحسين في وقته ذلك جالس قد خفق رأسه (4) على ركبتيه، وسمعت أخته زينب رضي الله عنها الصيحة والضجة، فدنت من أخيها وحركته فقالت: يا أخي! ألا تسمع الأصوات قد اقتربت منا؟ قال: فرفع الحسين رأسه وقال: يا أختاه! إني رأيت جدي في المنام وأبي عليا وفاطمة أمي وأخي الحسن عليهم السلام فقالوا: يا حسين! إنك رائح (5) إلينا عن قريب، وقد والله يا أختاه دنا الأمر في ذلك، لا شك قال: فلطمت زينب وجهها وصاحت [وأخيبتاه]، فقال الحسين: مهلا! اسكتي ولا تصيحي فتشمت بنا الأعداء.
ثم أقبل الحسين على أخيه العباس فقال: يا أخي اركب وتقدم إلى هؤلاء القوم وسلهم عن حالهم (6) وارجع إلي بالخبر. قال: فركب العباس في إخوته رضي الله عنهم ومعه أيضا عشرة فوارس (7) حتى دنا من القوم ثم قال: ما شأنكم وما تريدون؟ فقالوا: نريد أنه قد جاء الأمر من عند عبيد الله بن زياد يأمرنا أن نعرض عليكم أن تنزلوا على أمر عبيد الله بن زياد أو نلحقكم بمن سلف (8). فقال لهم العباس: لا تعجلوا حتى رجع إلى الحسين فأخبره بذلك (9). قال: فوقف القوم في

(1) في الطبري: هذا ابن حوزة.
(2) وفي الطبري 5 / 430 " فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه وتعلقت رجله بالركاب، ووقع رأسه في الأرض، ونفر الفرس، فأخذ يمر به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتى مات ".
(3) بالأصل: " اركبي ".
(4) الطبري: برأسه.
(5) في الطبري 5 / 416 إنك تروح.
(6) في الطبري: تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟
(7) في الطبري: في نحو من عشرين فارسا.
(8) الطبري: أو ننازلكم.
(9) الطبري: فأعرض عليه ما ذكرتم.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169