كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١١٥
و الله لا يحكم فينا ابن الدعي * أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف أحمي عن أبي * ضرب غلام علوي قرشي ثم حمل رضي الله عنه، فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الشام من يده ومن كثرة من قتل منهم، فرجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة، فقال: يا أبة! العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من الماء سبيل. قال: فبكى الحسين ثم قال: يا بني! قاتل قليلا فما أسرع ما تلقى جدك محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فيسقيك بكأسه الأوفى! قال: فرجع علي بن الحسين إلى الحرب وهو يقول:
الحرب قد بانت لها حقائق * وظهرت من بعدها مصادق والله رب العرش لا نفارق * جموعكم أو تغمدوا البوارق ثم حمل، فلم يزل يقاتل حتى قتل (1) - رحمه الله -.
قال: فبقي الحسين فريدا وحيدا ليس معه ثان إلا ابنه علي رضي الله عنه وهو يومئذ ابن سبع سنين (2)، وله ابن آخر يقال له علي في الرضاع، فتقدم إلى باب الخيمة فقال: ناولوني ذلك الطفل حتى أودعه! فناولوه الصبي، فجعل يقبله وهو يقول: يا بني! ويل لهؤلاء القوم إذ كان غدا خصمهم جدك محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال: وإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في لبة الصبي قتله (3)، فنزل الحسين رضي الله عنه عن فرسه وحفر له بطرف السيف ورماه بدمه وصلى عليه ودفنه، ثم وثب قائما وهو يقول (4):
[كفر القوم وقدما رغبوا * عن ثواب الله رب الثقلين قاتلوا قدما عليا وابنه * حسن الخير كريم الأبوين

(١) في الطبري وابن الأثير ومروج الذهب والبداية والنهاية والأخبار الطوال: أن علي بن الحسين (علي الأكبر) وأمه ليلى ابنة مرة بن عروة بن مسعود الثقفي كان أول من قاتل من بني هاشم، وهو أول قتيل منهم بين يدي أبيه الحسين، اعترضه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي فطعنه فصرع وقطعه الناس بسيوفهم.
وفي الطبري: سمع الحسين يقول بعد مقتل علي: قتل الله قوما قتلوك يا بني! ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء.
(٢) في نسب قريش: ابن ثلاث وعشرين سنة وكان مريضا.
(٣) واسمه عبد الله رماه رجل من بني أسد فذبحه كما في ابن الأثير، وفي البداية والنهاية: يقال له: ابن موقد النار.
(4) الأبيات في كشف الغمة باختلاف بعض الألفاظ.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169