الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
عبد الملك ابن مروان قتل عمرو بن سعيد الأشدق، اسمه على عين، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن محمد الأشعث، وأنت يا أمير المؤمنين اسمك على عين، وقتلت عبد الرحمن بن مسلم أبا مسلم، أول اسمه على عين، وعبد الجبار الخولاني، وسقط البيت على عمك عبد الله.
فقال: وما يدخل سقوط البيت على عمي لا أم لك. ثم استعمل أبو جعفر على خراسان أسيد ابن عبد الله الخزاعي، وأمره بتطلب عمال أبي مسلم، ثم عفا عنهم، ثم عزل الخزاعي وولى أبا عون عبد الملك بن يزيد، ثم ولى بعد أبي عون حمد بن قحطبة، ثم ولى المسير بن زهير حتى مات أبو جعفر المنصور.
قصة سابور ملك فارس قال: وذكروا أن أبا جعفر دعا إسحاق بن مسلم العقيلي، فقال له: حدثني عن الملك الذي كنت حدثتني عنه بحران. فقال: نعم أكرمك الله، أخبرني أبي عن حصين بن المنذر: أن ملكا من ملوك فارس يقال له سابور الأكبر، كان له وزير ناصح، قد أخذ أدبا من آداب الملوك، وشاب ذلك بفهم في الدين، فانتصف من أهلها فعلا ولسنا (1)، فوجهه سابور داعية إلى أهل خراسان، وكانوا قوما يعظمون الدنيا جهالة بالدين، واستكانة لحب الدنيا، وذلا لجبابرتها، فجمعهم على كلمة من الهدى يكيد بها مطالب الدنيا، واعتز بقتل ملوكهم، وتخوله إياهم (2)، وكان يقال: لكل ذليل دولة، ولكل ضعيف صولة. فلما استوثقت له البلاد، جعل إليه سابور أمرهم، وأحال عليه طاعتهم، فساس قوما لا يرامونه إلى ما سبق إليه قبلهم، فلم ينتصف سابور من طاعتهم، واستمالة أهوائهم، مع ما لا يأمن من زوال القلوب، وغدرات الوزراء، فاحتال على قطع رجائه عن قلوبهم، فصمم على قتله عند وروده عليه برؤساء أهل خراسان وفرسانهم، فقتله، فلم يرعهم إلا ورأسه بين أيديهم، فوقف بهم بين الفرقة وتخطف الأعداء، ونأى (3) الرجعة واليأس من صاحبهم، فرأوا أن يستتموا الدعوة بطاعة سابور، ويتعوضوه (4) من الفتنة، فملكهم ثمانين عاما.
فأطرق أبو جعفر مليا، ثم قال متمثلا:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما

(1) اللسن: بفتح السين: البلاغة وحسن المنطق.
(2) تخوله إياهم: استخدامه لهم وجعلهم خولا خدما.
(3) نأى الرجعة: بعد مسافة الرجوع إلى أوطانهم.
(4) يتعوضوه: أي يجعلوه عوضا وبدلا من الفتنة أي فتنهم بقتلهم واستذلالهم.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175