الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٢٥
أبو جعفر إلى أبي مسلم بخراسان، وقدم عليه، استخف به بعض الاستخفاف، ولم يزد الاجلال له، وجعل يعظم في كلامه وفعله الخليفة، ولم يزل أبو مسلم يتخوف أن يصنع به مثل ما صنع بأبي سلمة الخلال، وكان لا يظهر ذلك لأحد. فلما قدم أبو جعفر عليه، ومعه الثلاثون رجلا، وفيهم عبد الله بن الحسين، قام إليه سليمان بن كثير. فقال: يا هذا إنا كنا نرجو أن يتم أمركم، فإذا شئتم فادعوا إلى ما تريدون. فظن أنه دسيس من أبي مسلم، فخاف ذلك، فبلغ أبا مسلم أن سليمان بن كثير سامر عبد الله بن الحسين بن علي. فقال لسليمان: بلغني أنك سامرت هذا الفتى. قال: أجل، له قرابة وحق علينا وحرمة، فسكت. فأتى عبد الله ابن الحسين أبا مسلم فذكر له ذلك، وظن أنه إن لم يفعل اغتاله أبو مسلم. فبعث أبو مسلم إلى سليمان بن كثير، فقال له: أتحفظ قول الإمام: من اتهمته فاقتله. قال نعم. قال:
الإمام. قد اتهمتك فقال: ناشدتك الله، قال: لا تناشدني وأنت منطو على غش فأمر فضربت عنقه، وكتب أبو مسلم إلى محمد بن الأشعث، أن يأخذ عمال أبي سلمة، فيضرب أعناقهم، واستعمل أبو العباس عيسى بن علي على فارس، فأخذه محمد فهم بقتله. فقيل لمحمد: إن هذا لا يسوغ لك. قال: أمرني أبو مسلم أن لا يقدم علي أحد إلا ضربت عنقه.
فقال: ما كان أبو مسلم ليفعل شيئا إلا بأمر الإمام. فلما قدم أبو جعفر من عند أبي مسلم قال لأبي العباس: لست بخليفة، ولا أمرك بشئ، إن لم تقتل أبا مسلم. فقال أبو العباس:
وكيف ذلك؟ قال: لا والله ما يعبأ بنا، ولا يصنع إلا ما يريد. فقال له أبو العباس:
اسكت واكتمها.
قتال بن هبيرة وأخذه قال: وذكروا أن أبا العباس وجه أبا جعفر إلى مدينة واسط، فقدم على الحسين ابن قحطبة وهو على الناس، وكتب أبو العباس إلى الحسين بن قحطبة: إن العسكر عسكرك، والقواد قوادك، فإن أحببت أن يكون أخي حاضرا، فأحسن موازرته (1) ومكانفته. وكتب إلى أبي نصر مالك بن الهيثم بمثل ذلك، وذكروا أن ابن هبيرة كان قد نصب الجسور بين المدينتين، فقالت اليمانية الذين مع ابن هبيرة: لا والله لا نقاتل على دعوة بني أمية أبدا، لسوء رأيهم فينا، وبغضهم لنا، وقالت القيسية: لا والله لا نقاتل حتى يقاتل على اليمانية، فلم يكن يقاتل مع ابن هبيرة إلا صعاليك الناس، وأهل العطاء. وكان كثيرا ما يتمثل ويقول:

(1) موازرته: مؤازرته ومعاونته من الوزارة وهي المعاونة.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175