التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٥
يلخص الغاية من جمعه له والمنهاج الذي اتبعه في عملية الجمع فضاع على الحضارة الإسلامية بذلك علم كثير وفكر عظيم.
ولعل الله تعالى يقيض من العلماء والباحثين من يتقصى في كتب السيرة والتاريخ والحديث والأدب جميع ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ويخضعه لدراسة نقدية صارمة تميز الأصيل فيه من المنحول الموضوع ويصنف ما يثبت للنقد منه مع ما ورد في نهج البلاغة للشريف الرضي رحمه الله تعالى تصنيفا علميا حسب موضوعات النصوص (في السياسة، والفكر، والوعظ، والحرب، والفقه، والإلهيات وسائر العقائد... وغير ذلك من الموضوعات) فذلك يجعل نهج البلاغة ومستدركه مصدرا ميسرا للدراسات العلمية عظيم القيمة جليل الفائدة.
وقد قام المرحوم الشيخ هادي كاشف الغطاء بتأليف كتاب (مستدرك نهج البلاغة) ورتبه على نحو ما رتب الشريف الرضي كتاب نهج البلاغة (الخطب، والكتب، والحكم)، ولكن هذا العمل دون ما نطمح إليه لسببين: الأول - ما نقدر من أن هذا الكتاب لم يستوعب كل ما أهمله الشريف أو شذ عنه، ولذا فإن الحاجة إلى عمل أكثر شمولا لا تزال قائمة. الثاني - ما يبدو لنا من أن كاشف الغطاء أثبت في كتابه كل ما وجده منسوبا إلى الإمام ولم يخضع النصوص للنقد، وهذا ما جعله يثبت في كتابه نصوصا منسوبة إلى الإمام نقدر أنها موضوعة.
وهنا نجد من المناسب الإشارة إلى أن اللغط الذي أثير حول صحة نسبة ما جمعه السيد الشريف في نهج البلاغة إلى الإمام (ع) بوجه عام منذ ابن خلدون إلى زكي مبارك وأحمد أمين، من التشكيك في صحة النسبة أو الجزم بعدم صحة النسبة - هذا اللغط الذي أثاره التعصب في بعض الأحيان والجهل في أحيان كثيرة قد انتهى أو يجب أن ينتهي إلى التسليم بصحة النسبة التاريخية لما ورد في نهج البلاغة بوجه عام إلى الإمام عليه السلام، فإن الدراسات والأبحاث التوثيقية التي عقدت حول نهج البلاغة منذ شارح نهج البلاغة عز الدين ابن أبي الحديد (586 - 655 هجري) إلى أيامنا قدمت أجوبة مقنعة على جميع التساؤلات التي أثيرت وأغلقت منافذ الشك في صحة نسبة ما اشتمل عليه نهج البلاغة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بالقدر الذي يكفي لتصحيح النسبة التاريخية لأي نص من نصوص الفكر الإسلامي.
وهذه الأبحاث والدراسات على قسمين:
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 13 14 15 16 17 19 21 22 ... » »»